هَلْ تَعْلَمونَ يا أَطْفالي الأَعِزّاءَ أَنَّ الذَّكاءَ وَسُرْعَةَ البَديهَةِ قَدْ يُنْقِذانِ المَوْقِفَ؟ تَعالَوا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَحْمَدَ كَيْفَ اسْتَطاعَ بِذَكائِهِ أَنْ يَقْبِضَ عَلى لِصٍّ مَاكِرٍ!
✨ أَحْمَدُ الذَّكِيُّ وَالفَخُّ المُبْدِعُ 🖊️
كانَ أَحْمَدُ فَتىً ذَكِيًّا يَبْلُغُ مِنَ العُمْرِ اثْنَيْ عَشَرَ عامًا. عاشَ مَعَ والِدَتِهِ وَأُخْتِهِ الصَّغيرَةِ فاطِمَةَ في حَيٍّ شَعْبِيٍّ بَسيطٍ. فَقَدَ والِدَهُ مُنْذُ صِغَرِهِ، لَكِنَّهُ كانَ فَتىً مُجْتَهِدًا وَمُثابِرًا.
كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ المَدْرَسَةِ، كانَ أَحْمَدُ يَجْلِسُ بِجانِبِ دارِ السّينَما الكَبيرَةِ في وَسَطِ المَدينَةِ، يَحْمِلُ صُنْدوقَهُ الصَّغيرَ المَليءَ بِأَدَواتِ تَلْميعِ الأَحْذِيَةِ، وَيَعْمَلُ بِجِدٍّ لِيُساعِدَ أُسْرَتَهُ.
في أَحَدِ الأَيّامِ الحارَّةِ، جَلَسَ أَحْمَدُ تَحْتَ شَجَرَةٍ وارِفَةٍ يَعُدُّ أَرْباحَ يَوْمِهِ وَهُوَ يُدَنْدِنُ بِأُغْنِيَةٍ جَميلَةٍ، عِنْدَما سَمِعَ رَجُلًا يَمُرُّ بِجانِبِهِ يَقولُ بِصَوْتٍ مُتَوَتِّرٍ.
"لِصٌّ هَرَبَ تَوًّا مِنْ مَحَلِّ المُجَوْهَراتِ!" توَقَّفَ أَحْمَدُ عَنِ العَدِّ فَوْرًا، وَأَعادَ نُقودَهُ إِلى جَيْبِهِ، وَسَأَلَ الرَّجُلَ بِفُضولٍ: "مَتى؟ أَيْنَ حَدَثَ ذَلِكَ؟"
أَجابَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُسْرِعُ في خُطُواتِهِ: "الآن! سَرَقَ عِقْدًا ذَهَبِيًّا ثَمينًا وَهَرَبَ. يَقولونَ إِنَّ لَهُ لِحْيَةً!" وَمَضى الرَّجُلُ في طَريقِهِ مُسْرِعًا.
كانَ أَحْمَدُ يَهُمُّ بِالذَّهابِ إِلى مَحَلِّ المُجَوْهَراتِ لِيَعْرِفَ تَفاصيلَ أَكْثَرَ، عِنْدَما اقْتَرَبَ مِنْهُ زَبونٌ وَقالَ بِصَوْتٍ هادِئٍ: "يا وَلَدُ، لَمِّعْ حِذائي جَيِّدًا. لا عَجَلَةَ في الأَمْرِ." وَنَظَرَ الرَّجُلُ إِلى ساعَةِ يَدِهِ.
كانَ الزَّبونُ يَرْتَدي بَدْلَةً زَرْقاءَ أَنيقَةً وَرَبْطَةَ عُنُقٍ حَمْراءَ، وَبَدا وَكَأَنَّهُ رَجُلٌ ثَرِيٌّ مُهِمٌّ. جَلَسَ أَحْمَدُ فَوْرًا لِيُلَمِّعَ حِذاءَهُ، رَغْمَ أَنَّ عَقْلَهُ كانَ ما زالَ يُفَكِّرُ في السَّرِقَةِ.
وَضَعَ الرَّجُلُ قَدَمَهُ اليُسْرى عَلى مِنَصَّةِ التَّلْميعِ. أَخَذَ أَحْمَدُ قِطْعَةَ القُماشِ الصَّفْراءِ وَنَظَّفَ الحِذاءَ بِسُرْعَةٍ، ثُمَّ فَتَحَ عُلْبَةَ الكريمِ وَأَخَذَ القَليلَ مِنْهُ وَوَزَّعَهُ عَلى الحِذاءِ بِفُرْشاتِهِ الصَّغيرَةِ.
مِنْ طَرْفِ عَيْنِهِ، رَأى أَحْمَدُ شُرْطِيَّيْنِ يَقْتَرِبانِ مِنَ المَكانِ. كانَ مُتَشَوِّقًا لِيَسْأَلَهُما عَنِ السَّرِقَةِ، لَكِنَّ الزَّبونَ بَدا وَكَأَنَّهُ فَقَدَ صَبْرَهُ فَجْأَةً.
"أَيُّها الوَلَدُ الأَحْمَقُ! أَنْتَ لا تُؤَدّي عَمَلَكَ جَيِّدًا!" صاحَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَنْظُرُ بِسُرْعَةٍ إِلى الشُّرْطِيَّيْنِ. "لَمِّعْ حِذائي حَتّى يَلْمَعَ! ما زالَ أَمامي خَمْسُ دَقائِقَ قَبْلَ انْتِهاءِ العَرْضِ."
ارْتَجَفَ أَحْمَدُ خَوْفًا وَفَكَّرَ: 'لا بُدَّ أَنَّهُ رَجُلٌ مُهِمٌّ وَنافِذُ النُّفوذِ. قَدْ يَشْتَكي مِنّي لِلشُّرْطَةِ!' لِذَلِكَ رَكَّزَ انْتِباهَهُ عَلى تَلْميعِ الحِذاءِ بِعِنايَةٍ.
بَعْدَ أَنْ انْتَهى مِنْ تَلْميعِ الحِذاءِ الأَيْسَرِ، قالَ أَحْمَدُ: "الحِذاءُ الآخَرُ يا سَيِّدي." وَضَعَ الرَّجُلُ قَدَمَهُ الأُخْرى عَلى المِنَصَّةِ. "أَسْرِعْ يا وَلَدُ، لَمْ يَبْقَ سِوى دَقيقَتَيْنِ عَلى بِدايَةِ العَرْضِ."
فَكَّرَ أَحْمَدُ في نَفْسِهِ: 'غَريبٌ! مُنْذُ لَحْظاتٍ قالَ إِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْجِلٍ، وَالآنَ هُوَ في عَجَلَةٍ شَديدَةٍ!' نَظَّفَ أَحْمَدُ الحِذاءَ بِسُرْعَةٍ وَوَضَعَ عَلَيْهِ الكريمَ.
وَعِنْدَما هَمَّ بِتَلْميعِهِ بِالقُماشِ، لاحَظَ شَيْئًا يَخْرُجُ مِنْ مُؤَخِّرَةِ الحِذاءِ. 'ما هَذا؟' تَساءَلَ أَحْمَدُ بِدَهْشَةٍ. انْحَنى بِرَأْسِهِ لِيَرى بِوُضوحٍ أَكْبَرَ. 'يا إِلَهي! إِنَّهُ عِقْدٌ ذَهَبِيٌّ!'
قالَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُنْزِلُ قَدَمَهُ مِنَ المِنَصَّةِ: "يَكْفي يا وَلَدُ، حانَ الوَقْتُ." وَاصَلَ أَحْمَدُ تَلْميعَ الحِذاءِ بِالقُماشِ، بَيْنَما فَتَّشَ الرَّجُلُ في مَحْفَظَتِهِ عَنِ النُّقودِ.
بِسُرْعَةِ البَرْقِ، رَبَطَ أَحْمَدُ أَطْرافَ رِباطَيْ الحِذاءَيْنِ مَعًا، وَوَقَفَ دونَ أَنْ يَأْخُذَ النُّقودَ الَّتي مَدَّها لَهُ الرَّجُلُ، وَأَسْرَعَ نَحْوَ الشُّرْطِيَّيْنِ.
سَمِعَ أَحْمَدُ الرَّجُلَ يَصيحُ خَلْفَهُ: "أَيُّها الوَغْدُ! سَأَقْبِضُ عَلَيْكَ! لَكِنْ ماذا يَحْدُثُ؟" سَقَطَ الرَّجُلُ عَلى وَجْهِهِ عِنْدَما حاوَلَ المَشْيَ لِأَنَّ حِذاءَيْهِ كانا مَرْبوطَيْنِ مَعًا!
بَيْنَما كانَ الرَّجُلُ يُحاوِلُ النُّهوضَ، عادَ أَحْمَدُ مَعَ الشُّرْطِيَّيْنِ. أَمْسَكوا بِهِ فَوْرًا. نَعَمْ، لَقَدْ كانَ هُوَ اللِّصُّ! وُجِدَ العِقْدُ الذَّهَبِيُّ في حِذائِهِ، وَلِحْيَتُهُ المُسْتَعارَةُ في جَيْبِهِ. تَمَّ اقْتِيادُهُ إِلى مَرْكَزِ الشُّرْطَةِ.
القِيَمُ والدُّرُوسُ الأَخْلاقِيَّة
- سُرْعَةُ البَديهَةِ وَالذَّكاءُ: أَحْمَدُ اسْتَخْدَمَ ذَكاءَهُ لِيَحُلَّ المُشْكِلَةَ بِطَريقَةٍ إِبْداعِيَّةٍ.
- الشَّجاعَةُ وَالمَسْؤولِيَّةُ: لَمْ يَتَرَدَّدْ في فِعْلِ الصَّوابِ رَغْمَ الخَطَرِ.
- المُثابَرَةُ وَالاجْتِهادُ: يَعْمَلُ بِجِدٍّ لِمُساعَدَةِ أُسْرَتِهِ.
- العَدْلُ وَمُحارَبَةُ الجَريمَةِ: ساعَدَ في القَبْضِ عَلى المُجْرِمِ وَإِرْجاعِ المَسْروقاتِ.
أَسْئِلَةُ الفَهْم
- ما عَمَلُ أَحْمَدَ بَعْدَ المَدْرَسَةِ؟
- ماذا سَرَقَ اللِّصُّ مِنْ مَحَلِّ المُجَوْهَراتِ؟
- أَيْنَ أَخْفى اللِّصُّ العِقْدَ المَسْروقَ؟
- كَيْفَ مَنَعَ أَحْمَدُ اللِّصَّ مِنَ الهَرَبِ؟
- مَنِ الَّذي كافَأَ أَحْمَدَ عَلى شَجاعَتِهِ؟
أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيّ
- كَيْفَ اسْتَطاعَ أَحْمَدُ أَنْ يَكْتَشِفَ أَنَّ الزَّبونَ هُوَ اللِّصُّ؟
- ما الأَدِلَّةُ الَّتي جَعَلَتْ أَحْمَدَ يَشُكُّ في الرَّجُلِ؟
- ماذا كانَ يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ لَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ أَحْمَدُ بِذَكاءٍ؟
رَبْطُ القِصَّةِ بِالحَياةِ اليَوْمِيَّةِ
- كَيْفَ يُمْكِنُكَ اسْتِخْدامُ ذَكائِكَ لِحَلِّ المَشاكِلِ في المَدْرَسَةِ؟
- مَتى كانَتِ المَرَّةُ الأَخيرَةُ الَّتي ساعَدْتَ فيها شَخْصًا آخَرَ؟
- كَيْفَ تَشْعُرُ عِنْدَما تَقومُ بِعَمَلٍ جَيِّدٍ يُساعِدُ الآخَرينَ؟
أَنْشِطَةٌ تَفَاعُلِيَّةٌ مُمْتِعَة
نَشَاطُ الرَّسْم
ارْسُمْ مَشْهَدَ أَحْمَدَ وَهُوَ يَرْبِطُ حِذاءَيْ اللِّصِّ مَعًا!
لُعْبَةُ المُحَقِّق
اكْتُبْ قائِمَةً بِالأَدِلَّةِ الَّتي اكْتَشَفَها أَحْمَدُ!
نَشَاطُ التَّمْثيل
مَثِّلْ دَوْرَ أَحْمَدَ الذَّكِيِّ مَعَ أَصْدِقائِكَ!