مُغَامَرَةُ بَطُّوطٍ وَقَفُوزٍ الْكُبْرَى
كَانَ بَطُّوطٌ الْفُضُولِيُّ قَدْ سَئِمَ مِنْ بِرْكَتِهِ. كَانَتْ كُلُّ الْأَيَّامِ مُتَشَابِهَةً: نَفْسُ الْقَصَبِ الْأَخْضَرِ، نَفْسُ حَشَرَاتِ الْيَعْسُوبِ، نَفْسُ الْمَنْظَرِ الْقَدِيمِ. كَانَ يَتُوقُ لِلْمُغَامَرَةِ! وَكَانَ يُشَاهِدُ صَدِيقَهُ الْعَزِيزَ، كَنْغَرَ قَفُوزَ، وَهُوَ يَقْفِزُ بِخِفَّةٍ فِي الْحُقُولِ وَيَتَمَنَّى لَوْ يَسْتَطِيعُ رُؤْيَةَ الْعَالَمِ الرَّائِعِ الَّذِي يَصِفُهُ فِي قِصَصِهِ. ذَاتَ ظَهِيرَةٍ مُشْمِسَةٍ، مَشَى إِلَيْهِ وَفِي عَيْنَيْهِ تَلْمَعُ فِكْرَةٌ بَرَّاقَةٌ.
صَاحَ بَطُّوطٌ: "يَا قَفُوزُ يَا صَدِيقِي الْعَزِيزَ! حَيَاتُكَ مُثِيرَةٌ لِلْغَايَةِ، بَيْنَمَا حَيَاتِي مُمِلَّةٌ فِي هَذِهِ الْبِرْكَةِ الْكَرِيهَةِ! يَا لَيْتَنِي أَسْتَطِيعُ الْقَفْزَ مِثْلَكَ وَأَرَى الْعَالَمَ الْفَسِيحَ". تَوَقَّفَ قَفُوزُ عَنِ الْقَفْزِ وَاسْتَمَعَ بِلُطْفٍ. بَدَتْ فِكْرَةُ الْمُغَامَرَةِ مَعًا رَائِعَةً، لَكِنْ كَانَ لَدَيْهِ هَاجِسٌ مَعْقُولٌ. قَالَ بِرِقَّةٍ: "يَا بَطُّوطُ، أَتَمَنَّى أَنْ آخُذَكَ، لَكِنَّ قَدَمَيْكَ مُبَلَّلَتَانِ وَبَارِدَتَانِ لِلْغَايَةِ! أَخْشَى أَنْ أُصَابَ بِالْبَرْدِ!".
لَكِنَّ بَطُّوطًا كَانَ لَدَيْهِ خُطَّةٌ لِذَلِكَ أَيْضًا! أَمْضَى الْأُسْبُوعَ التَّالِي فِي الْإِعْدَادِ بِجِدٍّ. اشْتَرَى أَجْوَدَ أَنْوَاعِ الصُّوفِ وَحَاكَ أَرْبَعَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الْجَوَارِبِ الْحَمْرَاءِ الزَّاهِيَةِ لِيُبْقِيَ قَدَمَيْهِ دَافِئَتَيْنِ وَجَافَّتَيْنِ تَمَامًا. كَمَا اشْتَرَى عَبَاءَةً أَنِيقَةً لِتَقِيَهُ مِنَ الرِّيحِ، وَوِشَاحًا جَذَّابًا لِلزِّينَةِ. قَدَّمَ تَجْهِيزَاتِهِ لِقَفُوزَ الَّذِي أُعْجِبَ بِاهْتِمَامِهِ الشَّدِيدِ فَوَافَقَ عَلَى الْفَوْرِ.
فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، تَحْتَ قَمَرٍ فِضِّيٍّ، بَدَأَتْ مُغَامَرَتُهُمَا الْكُبْرَى. نَصَحَ قَفُوزُ: "لِكَيْ نَتَوَازَنَ جَيِّدًا يَا عَزِيزِي بَطُّوطُ، اجْلِسْ بِثَبَاتٍ، عِنْدَ طَرَفِ ذَيْلِي تَمَامًا". وَبِقَفْزَةٍ هَائِلَةٍ، انْطَلَقَا! لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، رَأَى بَطُّوطٌ بِرْكَتَهُ الصَّغِيرَةَ تَتَقَلَّصُ لِتُصْبِحَ بِرْكَةً ضَئِيلَةً تَحْتَهُمَا. كَانَ الْعَالَمُ ضَخْمًا وَمُذْهِلًا! قَفَزَا عَبْرَ جِبَالِ الْأَلْبِ الثَّلْجِيَّةِ، حَيْثُ كَانَ بَطُّوطٌ مُمْتَنًّا لِجَوَارِبِهِ الدَّافِئَةِ، وَوَثَبَا عَبْرَ رِمَالِ مِصْرَ الْحَارَّةِ، حَيْثُ انْبَهَرَا بِالْأَهْرَامَاتِ الْعَظِيمَةِ تَحْتَ سَمَاءٍ مَرصَّعَةٍ بِالنُّجُومِ.
أَثْنَاءَ سَفَرِهِمَا، أَصْبَحَا صَدِيقَيْنِ أَقْرَبَ. عَلَّمَ قَفُوزُ بَطُّوطًا كَيْفَ يَجِدُ نَجْمَ الشَّمَالِ، وَعَلَّمَ بَطُّوطٌ قَفُوزًا أَنْوَاعَ زَنَابِقِ الْمَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ. تَبَادَلَا الْقِصَصَ وَالْوَجَبَاتِ وَالضَّحِكَ، وَقَفَزَا حَوْلَ الْعَالَمِ كُلِّهِ لَيْسَ مَرَّةً وَاحِدَةً، بَلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ! كَانَتْ قُلُوبُهُمَا مَلِيئَةً بِالْفَرَحِ وَالدَّهْشَةِ مِنْ كُلِّ مَا رَأَيَاهُ مَعًا.
وَعِنْدَمَا عَادَا أَخِيرًا إِلَى مَرْجِهِمَا، نَظَرَ بَطُّوطٌ إِلَى بِرْكَتِهِ بِعَيْنَيْنِ جَدِيدَتَيْنِ. لَمْ تَعُدْ مَكَانًا مُمِلًّا، بَلْ بَيْتًا دَافِئًا مَلِيئًا بِذِكْرَيَاتِ مُغَامَرَتِهِ الْكُبْرَى. عَلِمَ أَنَّ أَيَّ مَكَانٍ، كَبِيرًا كَانَ أَمْ صَغِيرًا، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَائِعًا طَالَمَا أَنَّ لَدَيْهِ صَدِيقًا جَيِّدًا بِجَانِبِهِ. وَلِهَذَا، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِي الْعَالَمِ الْوَاسِعِ أَسْعَدُ مِنْ بَطُّوطٍ الْفُضُولِيِّ وَكَنْغَرِ قَفُوزَ.
قِيَمٌ وَدُرُوسٌ أَخْلَاقِيَّةٌ
- قُوَّةُ الصَّدَاقَةِ: تُظْهِرُ الْقِصَّةُ أَنَّ الْأَصْدِقَاءَ الْحَقِيقِيِّينَ يُسَاعِدُونَ بَعْضَهُمْ الْبَعْضَ عَلَى تَحْقِيقِ أَحْلَامِهِمْ وَيَجْعَلُونَ كُلَّ تَجْرِبَةٍ أَفْضَلَ.
- احْلُمْ أَحْلَامًا كَبِيرَةً وَاسْتَعِدَّ جَيِّدًا: لَمْ يَكْتَفِ بَطُّوطٌ بِالْحُلْمِ؛ بَلِ اتَّخَذَ خُطُوَاتٍ عَمَلِيَّةً (مِثْلَ حِيَاكَةِ الْجَوَارِبِ) لِجَعْلِ حُلْمِهِ حَقِيقَةً.
- التَّعَاوُنُ: بِالْعَمَلِ مَعًا وَمُرَاعَاةِ احْتِيَاجَاتِ بَعْضِهِمَا الْبَعْضِ، تَمَكَّنَ الصَّدِيقَانِ مِنْ خَوْضِ مُغَامَرَةٍ لَمْ يَكُنْ لِأَيٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَقُومَ بِهَا بِمُفْرَدِهِ.
- مَنْظُورٌ جَدِيدٌ: رُؤْيَةُ الْعَالَمِ يُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَكَ تُقَدِّرُ جَمَالَ وَرَاحَةَ وَطَنِكَ أَكْثَرَ.
أَسْئِلَةٌ حَوْلَ الْقِصَّةِ
أَسْئِلَةُ الْفَهْمِ
- لِمَاذَا كَانَ بَطُّوطٌ غَيْرَ سَعِيدٍ بِبِرْكَتِهِ فِي الْبِدَايَةِ؟
- مَا هُوَ أَكْبَرُ هَاجِسٍ كَانَ لَدَى كَنْغَرِ قَفُوزَ بِشَأْنِ الرِّحْلَةِ؟
- مَا هِيَ الْأَشْيَاءُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي جَهَّزَهَا بَطُّوطٌ لِلْمُغَامَرَةِ؟
- أَيْنَ كَانَ يَجِبُ عَلَى بَطُّوطٍ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى ظَهْرِ قَفُوزَ؟
- اذْكُرْ أَحَدَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي زَارَهَا الصَّدِيقَانِ.
أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ
- لِمَاذَا كَانَ مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ يَسْتَعِدَّ بَطُّوطٌ لِلرِّحْلَةِ بَدَلًا مِنَ الْقَفْزِ عَلَى الْفَوْرِ؟
- هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّ صَدَاقَتَهُمَا أَصْبَحَتْ أَقْوَى خِلَالَ الرِّحْلَةِ؟ لِمَاذَا؟
- كَيْفَ تَعْتَقِدُ أَنَّ بَطُّوطًا شَعَرَ حِيَالَ بِرْكَتِهِ عِنْدَمَا عَادَ؟ هَلْ تَغَيَّرَتْ؟
أَسْئِلَةُ الرَّبْطِ بِالْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ
- لَوْ أُتِيحَتْ لَكَ فُرْصَةُ الْقِيَامِ بِمُغَامَرَةٍ فِي أَيِّ مَكَانٍ فِي الْعَالَمِ، فَأَيْنَ سَتَذْهَبُ؟
- صِفْ مَرَّةً سَاعَدَكَ فِيهَا صَدِيقٌ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَمْ تَسْتَطِعْ فِعْلَهُ بِمُفْرَدِكَ.
- مَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُكَ فِعْلُهُ لِلتَّجْهِيزِ لِمُغَامَرَةٍ صَغِيرَةٍ، مِثْلَ نُزْهَةٍ فِي حَدِيقَةٍ؟
أَنْشِطَةٌ مُمْتِعَةٌ
- ارْسُمِ الْمُغَامَرَةَ: أَحْضِرْ أَلْوَانَكَ وَارْسُمْ بَطُّوطًا وَقَفُوزَ فِي رِحْلَتِهِمَا! يُمْكِنُكَ أَنْ تَرْسُمَهُمَا وَهُمَا يَقْفِزَانِ فَوْقَ الْجِبَالِ الثَّلْجِيَّةِ، أَوْ يَشَاهِدَانِ الْأَهْرَامَاتِ.
- صَمِّمْ عُدَّةَ السَّفَرِ الْخَاصَّةَ بِكَ: تَخَيَّلْ أَنَّكَ ذَاهِبٌ فِي رِحْلَةٍ مَعَ صَدِيقٍ. ارْسُمْ وَصَمِّمْ مَلَابِسَ خَاصَّةً لِمُغَامَرَتِكُمَا. هَلْ سَتَحْتَاجُ إِلَى قُبَّعَةٍ دَافِئَةٍ؟ أَمْ بُوصَلَةٍ سِحْرِيَّةٍ؟
- خَطِّطْ لِرِحْلَةِ صَدَاقَةٍ: مَعَ صَدِيقٍ، انْظُرْ إِلَى خَرِيطَةٍ. اخْتَرْ مَكَانًا تَرْغَبَانِ فِي زِيَارَتِهِ، وَاكْتُبْ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ مُسَلِّيَةٍ سَتَقُومَانِ بِهَا هُنَاكَ مَعًا.