مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ، كَانَتْ طُبُولُ الْحَرْبِ تَدُقُّ بِقُوَّةٍ فِي أَرْجَاءِ الصِّينِ. وَصَلَ صَوْتُ مُنَادِي الْإِمْبِرَاطُورِ إِلَى كُلِّ قَرْيةٍ، حَامِلًا أَمْرًا وَاحِدًا: عَلَى كُلِّ عَائِلَةٍ أَنْ تُرْسِلَ ابْنًا لِيُحَارِبَ فِي الْجَيْشِ.
عَلَى ضِفَّةِ النَّهْرِ، حَيْثُ يَتَلَأْلَأُ ضَوْءُ الشَّمْسِ عَلَى الْمَاءِ، كَانَتْ مُولَان، فَتَاةٌ شَابَّةٌ مُمْتَلِئَةٌ بِالْحَيَاةِ، تَغْسِلُ الْمَلَابِسَ. عِنْدَمَا وَصَلَتْهَا الْكَلِمَاتُ الْقَاسِيَةُ لِأَمْرِ الْإِمْبِرَاطُورِ، شَعَرَتْ بِقَلْبِهَا يَنْقَبِضُ خَوْفًا. تَرَكَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَأَسْرَعَتْ نَحْوَ بَيْتِهَا.
هُنَاكَ، وَجَدَتْ وَالِدَهَا الْعَجُوزَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ الْخَشَبِيِّ، وَكَانَتْ يَدَاهُ الضَّعِيفَتَانِ تَنْحِتَانِ قِطْعَةَ خَشَبٍ صَغِيرَةٍ. اقْتَرَبَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ بِصَوْتٍ يَمْلَؤُهُ الْقَلَقُ: «أَبِي، هَلْ سَمِعْتَ؟ الْجَيْشُ يَطْلُبُ ابْنًا مِنْ كُلِّ أَسْرَةٍ.»
رَفَعَ الْأَبُ رَأْسَهُ، وَبَانَ التَّعَبُ عَلَى وَجْهِهِ. قَالَ بِصَوْتٍ هَادِئٍ: «نَعَمْ يَا مُولَان، سَمِعْتُ. لَا بَأْسَ، سَأُجَهِّزُ دِرْعِي الْقَدِيمَ وَأَذْهَبُ.» ثُمَّ حَاوَلَ الْوُقُوفَ، لَكِنَّ قَدَمَيْهِ لَمْ تَحْمِلَاهُ بِسُهُولَةٍ.
أَمْسَكَتْ مُولَان بِيَدِهِ بِرِفْقٍ وَقَالَتْ: «لَا يَا أَبِي! صِحَّتُكَ لَا تَسْمَحُ. كَيْفَ سَتُجَارِي الشُّبَّانَ الْأَقْوِيَاءَ فِي الْمَعْرَكَةِ؟»
تَنَهَّدَ الْأَبُ بِحُزْنٍ عَمِيقٍ: «وَمَاذَا بِيَدِي أَنْ أَفْعَلَ؟ أَخُوكِ لَا يَزَالُ طِفْلًا صَغِيرًا جِدًّا.»
لَمَعَتْ فِي عَيْنَيْ مُولَان فِكْرَةٌ جَرِيئَةٌ. قَالَتْ لِوَالِدِهَا بِحَنَانٍ: «لَدَيَّ حَلٌّ!» أَحْضَرَتْ لَهُ كُوبًا مِنَ الشَّايِ الدَّافِئِ وَأَضَافَتْ: «ارْتَحْ قَلِيلًا يَا أَبِي، سَأَعُودُ فِي الْحَالِ.»
دَخَلَتْ مُولَان غُرْفَتَهَا وَقَلْبُهَا يَدُقُّ بِقُوَّةٍ. أَمْسَكَتْ سَيْفَ وَالِدِهَا، وَبِحَرَكَةٍ وَاحِدَةٍ حَاسِمَةٍ، قَصَّتْ شَعْرَهَا الْأَسْوَدَ الطَّوِيلَ الَّذِي تَسَاقَطَ عَلَى الْأَرْضِ كَاللَّيْلِ. ارْتَدَتْ دِرْعَ وَالِدِهَا الثَّقِيلَ، وَعَادَتْ لِتَقِفَ أَمَامَهُ.
قَالَتْ بِصَوْتٍ مُخْتَلِفٍ، صَوْتٍ أَكْثَرَ حَزْمًا: «انْظُرْ يَا أَبِي، أَنَا ابْنُكَ الْآنَ. سَأَذْهَبُ إِلَى الْجَيْشِ بَدَلًا مِنْكَ.»
فَتَحَ الْأَبُ عَيْنَيْهِ دَهْشَةً وَقَالَ بِخَوْفٍ: «لَا يَا بُنَيَّتِي! هَذَا مُسْتَحِيلٌ! إِنْ اكْتَشَفُوا أَمْرَكِ، سَيَقْتُلُونَكِ!»
رَدَّتْ مُولَان بِثِقَةٍ: «أَنْتَ دَرَّبْتَنِي عَلَى الْكُونْغ فُو وَاسْتِخْدَامِ السَّيْفِ. لَنْ يَكْشِفَ أَحَدٌ سِرِّي.»
نَادَى الْأَبُ بِأَلَمٍ: «مُولَان!» لَكِنَّهَا كَانَتْ قَدْ حَسَمَتْ أَمْرَهَا. قَبَّلَتْ جَبِينَهُ وَقَالَتْ بِوَدَاعٍ: «أُحِبُّكَ يَا أَبِي. اعْتَنِ بِنَفْسِكَ وَبِأَخِي.» ثُمَّ امْتَطَتْ حِصَانَ الْعَائِلَةِ وَانْطَلَقَتْ كَالرِّيحِ نَحْوَ قَدَرِهَا.
فِي الْمَعَارِكِ، أَذْهَلَتْ مُولَان الْجَمِيعَ بِشَجَاعَتِهَا وَذَكَائِهَا، وَتَرَقَّتْ بِسُرْعَةٍ حَتَّى أَصْبَحَتْ قَائِدَةَ الْجَيْشِ. وَلَكِنْ فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، انْتَشَرَ مَرَضٌ خَطِيرٌ، وَأَصَابَ مُولَان. وَعِنْدَمَا كَشَفَ الطَّبِيبُ عَلَيْهَا، انْكَشَفَ سِرُّهَا الْأَعْظَمُ.
ضَجَّ الْمُعَسْكَرُ بِالْغَضَبِ: «الْقَائِدُ امْرَأَةٌ! كَيْفَ تَجْرُؤُ عَلَى خِدَاعِنَا؟» وَطَالَبَ الْبَعْضُ بِمُعَاقَبَتِهَا. لَكِنَّ آخَرِينَ دَافَعُوا عَنْهَا قَائِلِينَ: «لَقَدْ قَادَتْنَا لِلنَّصْرِ مِرَارًا!»
فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، دَوَّى صَوْتُ صَارِخٍ: «هُجُومٌ مُفَاجِئٌ!»
نَهَضَتْ مُولَان، وَبِالرَّغْمِ مِنْ ضَعْفِهَا، أَعْطَتْ أَوَامِرَهَا الْعَسْكَرِيَّةَ بِحِكْمَةٍ، وَوَضَعَتْ خُطَّةً عَبْقَرِيَّةً. وَثِقَ بِهَا الْجُنُودُ وَنَفَّذُوا الْخُطَّةَ، فَحَقَّقُوا نَصْرًا عَظِيمًا أَنْهَى الْحَرْبَ. لَمْ يَعُدْ أَحَدٌ يَهْتَمُّ بِأَنَّهَا امْرَأَةٌ، بَلْ أَصْبَحَتْ بَطَلَتَهُمْ.
فَرِحَ الْإِمْبِرَاطُورُ وَقَالَ لَهَا: «أَنْتِ فَخْرٌ لِهَذَا الْوَطَنِ. ابْقَيْ فِي الْقَصْرِ وَكُونِي مُسْتَشَارَتِي.»
لَكِنَّ مُولَان انْحَنَتْ بِاحْتِرَامٍ وَقَالَتْ: «شُكْرًا لَكُمْ، لَكِنَّ قَلْبِي يَشْتَاقُ لِعَائِلَتِي.»
أَعْطَاهَا الْإِمْبِرَاطُورُ هَدَايَا ثَمِينَةً، وَعَادَتْ مُولَان إِلَى قَرْيَتِهَا بَطَلَةً. اسْتَقْبَلَهَا أَهْلُهَا بِفَخْرٍ وَدُمُوعِ الْفَرَحِ، لِأَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَنْقَذَتْ بِلَادَهُمْ كَانَتِ ابْنَتَهُمْ مُولَان.
خلاصة
تعتبر هذه القصة التعليمية من أروع حكايات الأطفال التي تغرس فيهم قيمًا عظيمة. يمكن استخدام قصص أطفال مثل قصة مولان الملهمة لتعليمهم عن الشجاعة والتضحية من أجل من نحب.
القيم والدروس المستفادة 💡
حب الأسرة والتضحية: الدافع الأكبر لمولان كان حبها لوالدها ورغبتها في حمايته مهما كان الثمن.
الشجاعة في مواجهة الصعاب: لم تتردد مولان في مواجهة خطر الحرب والموت من أجل ما تؤمن به.
المساواة والقدرة: أثبتت مولان أن المهارة والذكاء والقيادة لا تقتصر على الرجال فقط.
الحكمة أهم من القوة: انتصرت مولان في النهاية بفضل خطتها الذكية، مما يثبت أن العقل يتفوق على القوة وحدها.
أسئلة الفهم 🏃♂️
ما هو القرار الذي أصدره الإمبراطور في بداية القصة؟
لماذا قررت مولان أن تذهب إلى الجيش بدلًا من والدها؟
كيف غيرت مولان شكلها لتشبه الرجال؟
متى وكيف اكتشف الجنود حقيقة القائدة مولان؟
ماذا كان رد مولان عندما عرض عليها الإمبراطور أن تبقى في القصر؟
أسئلة تحفيز التفكير 🤔
هل تعتقد أن قرار مولان كان صائبًا؟ ولماذا؟
في رأيك، ما الذي تغير في نفوس الجنود فجعلهم يثقون في مولان مجددًا بعد اكتشاف سرها؟
لو لم تنجح خطة مولان في المعركة الأخيرة، ماذا كان سيحدث لها برأيك؟
التطبيق العملي في حياة الطفل
مولان دافعت عن والدها، كيف يمكنك أن تدافع عن أفراد أسرتك أو أصدقائك إذا احتاجوا للمساعدة؟
اذكر موقفًا احتجت فيه إلى أن تكون شجاعًا مثل مولان (حتى لو في شيء صغير).
تعلمت مولان استخدام السيف، ما هي المهارة التي تحب أن تتعلمها لتساعد بها الآخرين؟
🎨 المحتوى التفاعلي
أنشطة ممتعة
🎨 ارسم المشهد المفضل: ارسم مشهد مولان وهي تقص شعرها بالسيف، أو ارسمها وهي تقود الجنود في المعركة.
🎭 تمثيل الأدوار: مع أحد أفراد عائلتك، قم بتمثيل الحوار الذي دار بين مولان ووالدها عندما قررت الذهاب إلى الجيش.
🎲 لعبة درع الشجاعة: اصنع "درعًا" من الكرتون واكتب عليه ثلاثة أشياء شجاعة قمت بها أو ترغب في القيام بها.
