🐔 عبقرية جحا

🐔 عبقرية جحا

قام جحا من نومه كعادته في الصباح المبكر وغسل وجهه وارتدى ملابسه وتناول طعام الإفطار مع زوجته وأولاده الصغار. كان الوقت شتاءً والجو بارد بعض الشيء.

وبعد تناول الإفطار، أحضر الأقفاص الخاصة بالدجاج وبدأ يعد الدجاج ويضعه في القفص. كان العدد خمسًا وأربعين دجاجة، وكانت الدجاجات لدى جحا كلها ذات لون واحد وشكل واحد تقريباً. بدأ يعد الأقفاص واحداً تلو الآخر، وهي ثلاثة أقفاص، في كل قفص خمس عشرة دجاجة، والمجموع الكلي خمسة وأربعون دجاجة. أحضر حماره ووضع الأقفاص أمامه على الحمار، وركب هو خلف الأقفاص، وأمسك عصاه الصغيرة، واتجه ناحية السوق كعادته.

ذهب إلى مكانه المعتاد ونزل من على الحمار ، وأنزل الأقفاص ووضعها في مكانها. وضع القماش أعلى الأقفاص؛ خوفًا من المطر أو الشمس المحرقة وقت الظهيرة. بدأ يبيع وكانت حركة السوق نشطة.


حيلة الدجاجة المتكلمة

في هذا اليوم، وقف بجانبه تاجر لم يره جحا من قبل يسمى سعيد. كان سعيد تاجر دجاج أيضًا، وكان ينظر إلى جحا نظرات مريبة وهو يرى الناس تُقبل عليه وتشترى منه بكميات كبيرة ، بينما لم يبع الرجل سعيد إلا قليلاً مما معه.

بعد مرور فترة، استأذن جحا سعيداً أن يلاحظ المكان لحين عودته من مكان قضاء حاجته. قال له الرجل: "أي خدمة يا جحا؟ سوف أحافظ على المكان لحين عودتك".

ذهب جحا وعاد بعد فترة ووجد الرجل يبيع. لاحظ جحا أن الدجاج الذي في الأقفاص قد قل بعض الشيء ، ولكنه كذّب نفسه وقال: "لا يمكن أن يكون الرجل قد سرق الدجاج مني". بدأ بحساب ما معه من النقود. قال: "معي خمس وأربعون دجاجة، الدجاجة بثلاثة دنانير، يكون معي في النهاية مائة وخمسة وثلاثون ديناراً. وأنا معي الآن مائة وخمسة دنانير، وقسمتهم على ثلاثة دنانير، يكون البيع فقط خمسة وثلاثون دجاجة، ويكون الباقي عشرة". أخذ يعد ما في الأقفاص فوجدهم سبعة فقط. أي أن الذي اختفى فقط ثلاثة. قال في نفسه: "هذا الرجل غير أمين ولابد من إثبات هذا، ولكن كيف ذلك ولا أملك دليلاً واحداً؟".

أخذ يفكر في حيلة بعد الأخرى ، وكل تفكيره متوجهًا كيف يحضر هذا الدجاج أو ثمنه. والرجل سعيد ينظر إليه وهو مستغرق في التفكير العميق.

أخذ جحا يبيع باقي الدجاج الذي معه في الأقفاص إلا واحدة فقط ، وعندما يأتي الزبائن للشراء يقول لهم: "إنها ليست للبيع"، رغم أنها دجاجة كبيرة وجميلة. والرجل سعيد بائع الدجاج ينظر إليه باستغراب وريبة وحذر مما يحدث.

جلس جحا يعد النقود مرة أخرى ويضعها في الكيس وأخذ يجهز الأقفاص. القفص الذي به الدجاجة الباقية يغطيه، ثم يدخل رأسه تحت الغطاء، ثم يخرجها مرة أخرى، وكأنه يكلم أحدًا. والرجل مستغرب، وكل من حوله في غاية الدهشة من هذه الأفعال.

اقترب الرجل من جحا وقال له: "أريد أن أوجه إليك سؤالاً واحداً، وأرجو ألا تضيق مني بسبب سؤالي. لماذا لا تبيع الدجاجة الباقية التي معك رغم أنها دجاجة كبيرة وصحيحة وعندك في حظيرتك الكثير منها؟".

قال له جحا: "سوف لا أخفي عليك سرًا كبيرًا لا يعرفه كثير من الناس. هذه الدجاجة عندها سر ولا أريد أن يعرفه الناس".

قال له الرجل في استغراب: "وما هو؟".

قال له: "هل تحفظ هذا السر يا سعيد، ولو عرفه أحد سوف أغضب منك؟".

قال له: "قل لي ولا تخشى مني فأنا أحافظ على الأسرار".

قال له: "هذه الدجاجة تتكلم معي مثلي ومثلك تمامًا ، وكل ما تراه يحدث في السوق تحكيه لي بعد عودتنا إلى المنزل، ولا تتكتم عني سرها".

قال له: "إنك مجنون يا جحا، دجاجة تتكلم لم نسمع عن ذلك من قبل!".

قال له: "ألا تؤمن بالمعجزات؟!. ألا تسمع عمن يرود ويربي كلباً يقول له: كُل. فيأكل. اجلس. فيجلس، ويوجهه إلى كل مكان؟". قال له: "نعم".

قال له: "هذه الدجاجة إنني أراودها لتساعدني في كشف اللصوص وسارقي البيض. وأنا أذهب إلى المنزل سوف تحكي لي كل شيء، وتكون شاهدة على كل شيء". وقال له: "عندما ذهبت لقضاء حاجتي من فترة حدث شيء".

قال الرجل: "ما هو؟" وفزع.

قال: "ألم تحدث مشاجرة بين العطار وبائع الفطير؟" وكان جحا قد سمع بها وهو عائد من الحمام. قال له: "نعم قد حدث هذا".

قال له: "لقد حكت لي سبب المشاجرة، وماذا حدث بالتفصيل" ؟ استغرب الرجل وصدق كلام جحا ، وأحس بالخوف من الفضيحة لو قالت له الدجاجة ماذا حدث لدجاج جحا.

وجحا ينظر إليه في استغراب ويقول له: "إنك لم تصدق ما قلته لك، أتريد أن أقص عليك ما حدث في السوق بالتفصيل؟". قال له الرجل وهو يتلعثم: "أنا أصدقك أنا أصدقك".


انكشاف الحيلة

بدأ جحا يجمع الأقفاص ويضعها فوق الحمار وهو يقول للدجاجة: "اسكتي، احكي لي في الدار". والرجل ينظر إليه في استغراب منقطع النظير.

ركب حماره وسار في جانب المدينة وهو يلقي السلام على الناس حتى وصل إلى الدار. نزل وأنزل الأقفاص وربط الحمار. نادى على زوجته أن تحضر طعام الغداء للحمار. فأحضرت العلف من الخبز اليابس المبلول بالماء وبعض البرسيم الطازج وأحضرت الماء لشرب الحمار وجعلته في الظل.

دخل جحا الدار وقبل وضع الطعام لاحظ طرقًا على الباب. فتح الباب فوجد التاجر سعيد على الباب فقال له: "تفضل ادخل".

قال له: "إنني جئت وأنا في غاية الحرج". قال له: "خيرًا".

قال له: "جئت قبل أن تحكي لك الدجاجة ما حدث في السوق".

قال له: "وماذا حدث؟".

قال: "لقد استوليت على ثلاثة دجاجات من الأقفاص وبعتها لحسابي الخاص وأخذت الأموال. وهذه هي النقود تسعة دنانير، خذها وسامحني يا جحا على هذه الفعلة. وقل للدجاجة لا تقول ما حدث لأحد حتى لا أفضح".

أخذ جحا النقود وقال له: "سوف أعدك أن الدجاجة لن تتكلم". انصرف الرجل. وحكى جحا لزوجته وأولاده عن الحيلة التي فعلها وهم يضحكون.

إرسال تعليق

أحدث أقدم