الْأَرْنَبُ وَشَجَرَةُ التُّوتِ الْكَرِيمَةُ
مَعَ اقْتِرَابِ فَصْلِ الشِّتَاءِ الْبَارِدِ، كَانَ أَرْنَبٌ صَغِيرٌ يَبْحَثُ بِقَلَقٍ عَنْ مَأْوًى دَافِئٍ. وَجَدَ شَجَرَةَ تُوتٍ ضَخْمَةً ذَاتَ تَجْوِيفٍ كَبِيرٍ فِي جِذْعِهَا. قَالَ بِتَوَسُّلٍ: "أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ، هَلْ تَسْمَحِينَ لِي بِالْبَقَاءِ هُنَا حَتَّى يَنْتَهِيَ الشِّتَاءُ؟" أَجَابَتِ الشَّجَرَةُ بِصَوْتٍ حَنُونٍ: "بِالتَّأْكِيدِ أَيُّهَا الصَّغِيرُ، أَنْتَ فِي أَمَانٍ هُنَا." فَفَرِحَ الْأَرْنَبُ وَأَقَامَ بِدَاخِلِهَا.
وَعِنْدَمَا حَلَّ فَصْلُ الرَّبِيعِ، كَانَتِ الشَّجَرَةُ تُقَدِّمُ لِلْأَرْنَبِ حَبَّاتِ التُّوتِ الْحَمْرَاءِ اللَّذِيذَةِ كُلَّ يَوْمٍ. وَفِي فَصْلِ الصَّيْفِ الْحَارِّ، كَانَ الْأَرْنَبُ يَشْعُرُ بِالْعَطَشِ الشَّدِيدِ، فَاتَّفَقَ مَعَ صَدِيقِهِ الْخُلْدِ "حَفَّارَ" عَلَى أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْمَاءَ الْبَارِدَ مِنَ الْجَدْوَلِ مُقَابِلَ بَعْضِ حَبَّاتِ التُّوتِ الشَّهِيَّةِ.
لَكِنْ عِنْدَمَا جَاءَ الْخَرِيفُ، تَوَقَّفَتِ الشَّجَرَةُ عَنْ إِنْتَاجِ الثِّمَارِ وَبَدَأَتْ أَوْرَاقُهَا تَتَسَاقَطُ. ذَهَبَ الْأَرْنَبُ إِلَى الشَّجَرَةِ بِغَضَبٍ وَسَأَلَهَا: "لِمَاذَا لَا تُعْطِينَنِي التُّوتَ؟ هَلْ نَفِدَ لَدَيْكِ؟" أَجَابَتِ الشَّجَرَةُ بِهُدُوءٍ: "لَا يَا صَدِيقِي، هَذِهِ هِيَ دَوْرَةُ الْحَيَاةِ. أَنَا لَا أُثْمِرُ فِي الْخَرِيفِ."
لَمْ يُصَدِّقِ الْأَرْنَبُ كَلَامَهَا وَظَنَّ أَنَّهَا تَخْدَعُهُ. قَالَ بِنَكْرَانٍ لِلْجَمِيلِ: "إِذَا كُنْتِ لَا تُعْطِينَنِي طَعَامًا، فَلَا فَائِدَةَ مِنْكِ!" وَأَحْضَرَ فَأْسًا لِيَقْطَعَهَا. أَسْرَعَ صَدِيقُهُ الْخُلْدُ وَأَوْقَفَهُ قَائِلًا: "مَاذَا تَفْعَلُ؟ هَذِهِ الشَّجَرَةُ هِيَ بَيْتُكَ!" لَكِنَّ الشَّجَرَةَ شَعَرَتْ بِأَلَمٍ عَمِيقٍ مِنْ جُحُودِ الْأَرْنَبِ.
بِصَوْتٍ حَزِينٍ وَحَازِمٍ، قَالَتِ الشَّجَرَةُ: "لَقَدْ آذَيْتَنِي أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ فَأْسٍ. لَمْ تَعُدْ مُرَحَّبًا بِكَ هُنَا. اغْرُبْ عَنْ وَجْهِي." طُرِدَ الْأَرْنَبُ مِنْ بَيْتِهِ، وَبَحَثَ طَوِيلًا عَنْ مَأْوًى آخَرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ.
وَفِي الصَّيْفِ التَّالِي، بَيْنَمَا كَانَ الْأَرْنَبُ يَتَجَوَّلُ جَائِعًا وَعَطْشَانًا، مَرَّ بِشَجَرَةِ التُّوتِ الْقَدِيمَةِ. هُنَاكَ، وَجَدَ سِنْجَابًا سَعِيدًا يَسْتَلْقِي فِي التَّجْوِيفِ الَّذِي كَانَ بَيْتَهُ، وَيَأْكُلُ مِنَ التُّوتِ اللَّذِيذِ. نَادَتْ عَلَيْهِ الشَّجَرَةُ وَقَالَتْ: "أَتَرَى؟ عَلَيْكَ أَنْ تَتَحَمَّلَ نَتَائِجَ أَعْمَالِكَ. لَقَدْ كَانَتْ لَدَيْكَ نِعَمٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنَّكَ لَمْ تُقَدِّرْهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ فَقَدْتَهَا." وَمَضَى الْأَرْنَبُ فِي طَرِيقِهِ، وَقَدْ تَعَلَّمَ أَقْسَى دَرْسٍ فِي حَيَاتِهِ.
القيم والدروس الأخلاقية
- تَقْدِيرُ النِّعَمِ: يَجِبُ أَنْ نَكُونَ شَاكِرِينَ لِلْأَشْيَاءِ الْجَيِّدَةِ فِي حَيَاتِنَا وَأَلَّا نَعْتَبِرَهَا أَمْرًا مُسَلَّمًا بِهِ.
- الْجُحُودُ وَنُكْرَانُ الْجَمِيلِ: مُقَابَلَةُ الْإِحْسَانِ بِالْإِسَاءَةِ هُوَ تَصَرُّفٌ سَيِّئٌ يُؤَدِّي إِلَى خَسَارَةِ الْأَشْيَاءِ الثَّمِينَةِ وَالْأَصْدِقَاءِ.
- فَهْمُ دَوْرَةِ الطَّبِيعَةِ: لِلطَّبِيعَةِ نِظَامُهَا الْخَاصُّ (مِثْلُ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ)، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَفَهَّمَهُ وَنَتَكَيَّفَ مَعَهُ.
- تَحَمُّلُ عَوَاقِبِ الْأَفْعَالِ: كُلُّ فِعْلٍ نَقُومُ بِهِ لَهُ نَتِيجَةٌ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّةَ قَرَارَاتِنَا.
أسئلة لفهم القصة
أسئلة بسيطة
- أَيْنَ وَجَدَ الْأَرْنَبُ مَأْوًى لَهُ فِي الشِّتَاءِ؟
- مَاذَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ تُقَدِّمُ لِلْأَرْنَبِ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ؟
- مَنْ كَانَ يُحْضِرُ الْمَاءَ لِلْأَرْنَبِ فِي الصَّيْفِ؟
- لِمَاذَا أَرَادَ الْأَرْنَبُ أَنْ يَقْطَعَ الشَّجَرَةَ؟
- مَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ النِّهَائِيَّةُ لِتَصَرُّفِ الْأَرْنَبِ؟
أسئلة للتفكير النقدي
- هَلْ كَانَ قَرَارُ الشَّجَرَةِ بِطَرْدِ الْأَرْنَبِ عَادِلًا؟ لِمَاذَا؟
- لِمَاذَا لَمْ يَفْهَمِ الْأَرْنَبُ أَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تُثْمِرُ فِي الْخَرِيفِ؟ مَاذَا يُخْبِرُنَا هَذَا عَنْهُ؟
- كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُ لِلْأَرْنَبِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ عِنْدَمَا تَوَقَّفَتِ الشَّجَرَةُ عَنِ الْإِثْمَارِ؟
أسئلة لربط القصة بحياتك
- اذْكُرْ نِعْمَةً فِي حَيَاتِكَ تَشْعُرُ بِالِامْتِنَانِ لَهَا كُلَّ يَوْمٍ.
- هَلْ شَعَرْتَ بِالْغَضَبِ مِنْ قَبْلُ عِنْدَمَا لَمْ تَحْصُلْ عَلَى مَا تُرِيدُ؟ كَيْفَ تَصَرَّفْتَ؟
- مَاذَا تُعَلِّمُنَا فُصُولُ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةُ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالصَّبْرِ؟
أنشطة تفاعلية ممتعة
- ارْسُمِ الشَّجَرَةَ فِي الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ: عَلَى وَرَقَةٍ وَاحِدَةٍ مُقَسَّمَةٍ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، ارْسُمِ الشَّجَرَةَ فِي الشِّتَاءِ (بِلَا أَوْرَاقٍ)، وَفِي الرَّبِيعِ (مُزْهِرَةً)، وَفِي الصَّيْفِ (مَلِيئَةً بِالثِّمَارِ)، وَفِي الْخَرِيفِ (أَوْرَاقُهَا تَتَسَاقَطُ).
- بِطَاقَةُ شُكْرٍ لِلطَّبِيعَةِ: اصْنَعْ بِطَاقَةً جَمِيلَةً وَاكْتُبْ فِيهَا رِسَالَةَ شُكْرٍ لِلطَّبِيعَةِ عَلَى إِحْدَى نِعَمِهَا (مِثْلَ الشَّمْسِ، الْمَاءِ، أَوِ الْأَشْجَارِ).
- لُعْبَةُ "مَاذَا لَوْ؟": تَخَيَّلْ أَنَّكَ الْأَرْنَبُ وَلَمْ تَطْرُدْكَ الشَّجَرَةُ. مَثِّلْ كَيْفَ كُنْتَ سَتَعْتَذِرُ مِنْهَا وَتُحَاوِلُ إِصْلَاحَ الْأَمْرِ.