الْغُرَابِ الذَّكِيِّ وَالْحَصَى

غراب عطشان على وشك اليأس، فتحكي له أمه قصة غراب آخر استخدم ذكاءه ليصل إلى الماء. قصة عن الْإصرار والإِبداعِ.

حِكَايَةُ الْغُرَابِ الذَّكِيِّ وَالْحَصَى

عَادَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ "غَرْغُورُ" إِلَى عُشِّهِ وَهُوَ يَشْعُرُ بِالْعَطَشِ الشَّدِيدِ وَالْيَأْسِ. قَالَ لِأُمِّهِ بِصَوْتٍ مُتْعَبٍ: "لَقَدْ ذَهَبْتُ إِلَى الْبِئْرِ الْقَدِيمَةِ يَا أُمِّي، لَكِنَّ الْمَاءَ فِي قَاعِهَا وَمِنْقَارِي لَا يَصِلُ إِلَيْهِ. لَقَدِ اسْتَسْلَمْتُ، فَلَا فَائِدَةَ."

نَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ بِحَنَانٍ وَقَالَتْ: "الْيَأْسُ لَيْسَ حَلًّا يَا صَغِيرِي. دَعْنِي أَحْكِ لَكَ قِصَّةَ غُرَابٍ آخَرَ وَاجَهَ نَفْسَ الْمُشْكِلَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَسْلِمْ."

كَانَ يَا مَا كَانَ، فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرَارَةِ، كَادَ غُرَابٌ أَنْ يَمُوتَ مِنَ الْعَطَشِ. بَحَثَ طَوِيلًا حَتَّى وَجَدَ إِبْرِيقًا فَخَّارِيًّا فِي حَدِيقَةٍ مَهْجُورَةٍ. طَارَ إِلَيْهِ بِفَرَحٍ، لَكِنَّهُ وَجَدَ أَنَّ فِيهِ كَمِّيَّةً قَلِيلَةً جِدًّا مِنَ الْمَاءِ فِي قَاعِهِ الْعَمِيقِ. حَاوَلَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَاءِ بِمِنْقَارِهِ، لَكِنْ دُونَ جَدْوَى.

كَادَ أَنْ يَيْأَسَ مِثْلَكَ، لَكِنَّهُ نَظَرَ حَوْلَهُ وَلَمَحَ كَوْمَةً مِنَ الْحَصَى الصَّغِيرِ بِجَانِبِ الْإِبْرِيقِ. فَجْأَةً، لَمَعَتْ فِي رَأْسِهِ فِكْرَةٌ ذَكِيَّةٌ! "وَجَدْتُهَا!" صَاحَ الْغُرَابُ لِنَفْسِهِ.

بَدَأَ يَلْتَقِطُ الْحَصَى، حَصَاةً تِلْوَ الْأُخْرَى، وَيَرْمِيهَا بِعِنَايَةٍ دَاخِلَ الْإِبْرِيقِ. مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ يُلْقِيهَا، كَانَ مُسْتَوَى الْمَاءِ يَرْتَفِعُ قَلِيلًا. عَمِلَ بِجِدٍّ وَصَبْرٍ، حَصَاةٌ بَعْدَ حَصَاةٍ، حَتَّى ارْتَفَعَ الْمَاءُ بِمَا يَكْفِي لِيَصِلَ إِلَى حَافَّةِ الْإِبْرِيقِ.

أَخِيرًا، تَمَكَّنَ الْغُرَابُ مِنْ أَنْ يَغْمِسَ مِنْقَارَهُ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ وَشَرِبَ حَتَّى ارْتَوَى. بَعْدَ أَنْ أَخَذَ قِسْطَهُ مِنَ الرَّاحَةِ، طَارَ عَالِيًا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ يَصِيحُ بِفَخْرٍ، سَعِيدًا لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَ عَقْلَهُ وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلْيَأْسِ.

أَنْهَتِ الْأُمُّ قِصَّتَهَا وَنَظَرَتْ إِلَى غَرْغُورَ بِابْتِسَامَةٍ مُشَجِّعَةٍ. فَهِمَ غَرْغُورُ الدَّرْسَ، وَقَالَ بِعَزِيمَةٍ: "سَأَعُودُ إِلَى الْبِئْرِ وَأَجِدُ حَلًّا!" وَالْآنَ يَا صَغِيرِي، نَمْ وَاحْلُمْ أَحْلَامًا سَعِيدَةً، وَتَذَكَّرْ دَائِمًا أَنَّ التَّفْكِيرَ الذَّكِيَّ أَقْوَى مِنَ الْيَأْسِ.

القيم والدروس الأخلاقية

  • الْإِصْرَارُ وَعَدَمُ الْيَأْسِ: عِنْدَمَا نُوَاجِهُ صُعُوبَةً، يَجِبُ أَلَّا نَسْتَسْلِمَ، بَلْ نُحَاوِلُ إِيجَادَ حُلُولٍ.
  • التَّفْكِيرُ الْإِبْدَاعِيُّ: اسْتِخْدَامُ الْعَقْلِ وَالتَّفْكِيرِ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحُلَّ أَعْقَدَ الْمَشَاكِلِ.
  • الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الْفَرَجِ: لَقَدْ عَمِلَ الْغُرَابُ بِصَبْرٍ، حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ، لِيَصِلَ إِلَى هَدَفِهِ.
  • الْحِكْمَةُ فِي قَصَصِ الْأُمَّهَاتِ: قَصَصُ الْوَالِدَيْنِ تَحْمِلُ لَنَا دُرُوسًا وَحِكَمًا ثَمِينَةً تُسَاعِدُنَا فِي حَيَاتِنَا.

أسئلة لفهم القصة

أسئلة بسيطة

  1. مَا هِيَ مُشْكِلَةُ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ "غَرْغُورَ" فِي بِدَايَةِ الْقِصَّةِ؟
  2. فِي قِصَّةِ الْأُمِّ، أَيْنَ وَجَدَ الْغُرَابُ الْعَطْشَانُ الْمَاءَ؟
  3. لِمَاذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْغُرَابُ الشُّرْبَ مِنَ الْإِبْرِيقِ فِي الْبِدَايَةِ؟
  4. مَا هُوَ الْحَلُّ الذَّكِيُّ الَّذِي وَجَدَهُ الْغُرَابُ؟
  5. هَلْ نَجَحَ الْغُرَابُ فِي الشُّرْبِ فِي النِّهَايَةِ؟

أسئلة للتفكير النقدي

  1. مَاذَا كَانَ سَيَحْدُثُ لِلْغُرَابِ فِي الْقِصَّةِ لَوْ أَنَّهُ يَئِسَ وَاسْتَسْلَمَ؟
  2. لِمَاذَا اخْتَارَتِ الْأُمُّ أَنْ تَحْكِيَ قِصَّةً لِابْنِهَا بَدَلًا مِنْ أَنْ تُعْطِيَهُ حَلًّا مُبَاشِرًا؟
  3. هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الذَّكَاءَ أَكْثَرُ أَهَمِّيَّةً مِنَ الْقُوَّةِ؟ لِمَاذَا؟

أسئلة لربط القصة بحياتك

  1. اذْكُرْ مَرَّةً وَاجَهْتَ فِيهَا مُشْكِلَةً صَعْبَةً وَلَمْ تَسْتَسْلِمْ. كَيْفَ حَلَلْتَهَا؟
  2. مَا هُوَ أَذْكَى حَلٍّ فَكَّرْتَ فِيهِ لِمُشْكِلَةٍ مَا؟
  3. هَلْ سَبَقَ أَنْ سَاعَدَتْكَ قِصَّةٌ حَكَتْهَا لَكَ أُمُّكَ أَوْ أَبُوكَ فِي فَهْمِ شَيْءٍ مُهِمٍّ؟

أنشطة تفاعلية ممتعة

  • تَجْرِبَةُ الْغُرَابِ: أَحْضِرْ كُوبًا طَوِيلًا وَامْلَأْهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْمَاءِ. حَاوِلْ أَنْ تَضَعَ حَصًى أَوْ كُرَاتٍ زُجَاجِيَّةً صَغِيرَةً بِدَاخِلِهِ وَشَاهِدْ كَيْفَ يَرْتَفِعُ مُسْتَوَى الْمَاءِ، تَمَامًا مِثْلَمَا فَعَلَ الْغُرَابُ.
  • ارْسُمِ الْحَلَّ: ارْسُمْ صُورَتَيْنِ: الْأُولَى لِلْغُرَابِ وَهُوَ حَزِينٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ لِلْمَاءِ، وَالثَّانِيَةَ وَهُوَ سَعِيدٌ وَيَشْرَبُ بَعْدَ أَنْ مَلَأَ الْإِبْرِيقَ بِالْحَصَى.
  • لُعْبَةُ "مَاذَا لَوْ؟": اطْرَحْ مُشْكِلَةً (مِثْلَ: كَيْفَ أُخْرِجُ كُرَتِي مِنْ تَحْتِ الْخِزَانَةِ؟) وَتَنَافَسْ مَعَ أَصْدِقَائِكَ لِإِيجَادِ أَكْبَرِ عَدَدٍ مِنَ الْحُلُولِ الذَّكِيَّةِ وَالْإِبْدَاعِيَّةِ.

إرسال تعليق

أحدث أقدم