قصة من كيد النساء

يُروى في كتب الأدب أن امرأتين دخلتا ذات يوم على القاضي الشهير ابن أبي ليلى، وكان في زمانه من كبار القضاة، معروفًا بحكمته وفطنته وسعة صدره.

قصة من كيد النساء

امرأتان تتخاصمان أمام القاضي ابن أبي ليلى في قصة من كيد النساء

القصة

بداية الظلم

بدأت إحدى المرأتين بسرد قصتها قائلة: "أيها القاضي، لقد مات والدي وأنا صغيرة، فقامت عمتي بتربيتي حتى كبرت. ثم زوجتني من ابن عم لي، وعشت معه في سعادة ثلاث سنوات."

وتابعت: "لكن عمتي أعجبها زوجي، فزينت له ابنتها وعرضت عليه الزواج منها بشرط واحد: أن يجعل أمري بيدها. وللأسف، وافق زوجي. وفي ليلة الزفاف، جاءتني عمتي وقالت لي: 'إن زوجك قد تزوج ابنتي، وقد جعل أمرك بيدي... فأنتِ طالق!' وهكذا أصبحت مطلقة بين ليلة وضحاها."

رد الصاع صاعين

ثم واصلت المرأة: "بعد فترة، عاد زوج عمتي من سفر، فذهبت إليه وطلبت منه الزواج بشرط أن يجعل أمر عمتي إليّ. فوافق، وما إن تم الزواج، حتى أرسلت إلى عمتي وقلت لها: 'قد جعل زوجك أمرك إليّ، وأنتِ طالق!' وبذلك أصبحت عمتي مطلّقة."

لم يكد القاضي يستوعب ما سمع حتى قالت المرأة: "اجلس أيها القاضي، لم تبدأ القصة بعد!"

انقلاب السحر على الساحر

أكملت المرأة: "بعد فترة، مات زوجي الجديد، فجاءت عمتي تطالب بالميراث منه. وبينما كنا في خلاف، حضرت عمتي وابنتها وزوج ابنتها (الذي هو زوجي الأول). فلما رآني زوجي الأول، حنّ إليّ وطلب أن يعيدني إليه، فقلت: 'نعم، بشرط أن تجعل أمر زوجتك - ابنة عمتي - إليّ'. وافق من فوره، فالتفتّ إلى ابنة عمتي وقلت: 'أنتِ طالق!'"

نظر القاضي مذهولًا وقال: "وأين السؤال في كل هذا؟" فقالت العمة التي كانت صامتة: "أيها القاضي، أليس من الحرام أن تُطلّق أنا وابنتي، ثم تأخذ هذه المرأة الزوجين والميراث؟!"

حكم القاضي

فابتسم القاضي ابن أبي ليلى وقال بهدوء: "والله لا أرى في ذلك حرمة... فكل ما جرى هو زواج وطلاق ووكالة، وكلّه جائز شرعًا." ثم خرج القاضي وأخبر الوالي بالقصة، فضحك الوالي بشدة وقال: "قاتل الله هذه العجوز! من حفر حفرة لأخيه وقع فيها... أما هذه، فقد رمت نفسها في البحر!"


الدروس المستفادة

  • الظلم له عواقب وخيمة، ومن يبدأ بالظلم قد يرتد عليه ظلمه بأقسى مما فعل.
  • الذكاء والحيلة يمكن أن يكونا سلاحًا قويًا لاسترداد الحقوق.
  • لا يجب الاستهانة بقدرة المظلوم على التخطيط والصبر حتى تأتيه الفرصة المناسبة.
  • كما تدين تدان، والجزاء غالبًا ما يكون من جنس العمل.

أسئلة للمناقشة

  1. هل تعتقد أن ما فعلته المرأة كان انتقامًا قاسيًا أم استردادًا عادلاً لحقها؟ ولماذا؟
  2. ما هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبته العمة من وجهة نظرك؟
  3. لو كنت مكان القاضي، هل كنت ستحكم بنفس الطريقة؟
  4. ماذا تعلمنا هذه القصة عن أهمية التفكير في عواقب أفعالنا قبل الإقدام عليها؟

أنشطة مقترحة

  • اكتب نهاية مختلفة للقصة، حيث تقرر العمة الاعتذار وطلب المسامحة قبل أن تتصاعد الأمور.
  • ارسم شجرة عائلة للشخصيات في هذه القصة لتوضيح العلاقات المعقدة بينهم.
  • مع مجموعة من أصدقائك، قم بتمثيل مشهد المحاكمة أمام القاضي ابن أبي ليلى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم