الْأَرْنَبُ الصَّغِيرُ وَالدَّرْسُ الْكَبِيرُ

الْأَرْنَبُ الصَّغِيرُ وَالدَّرْسُ الْكَبِيرُ

عَاشَ فِي الْغَابَةِ أَرْنَبٌ صَغِيرٌ اسْمُهُ "سُكَّرُ" مَعَ أُمِّهِ الَّتِي كَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا. لَكِنَّ حُبَّهَا كَانَ مَمْزُوجًا بِخَوْفٍ مُفْرِطٍ. كَانَتْ دَائِمًا تُحَذِّرُهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَحْدَهُ، قَائِلَةً: "الْغَابَةُ مَلِيئَةٌ بِالْأَخْطَارِ يَا صَغِيرِي." بِسَبَبِ هَذَا الْخَوْفِ، كَانَ سُكَّرُ يَقْضِي مُعْظَمَ وَقْتِهِ وَحِيدًا، يَنْظُرُ إِلَى الْعَالَمِ الْخَارِجِيِّ مِنْ نَافِذَةِ مَنْزِلِهِ.

فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، قَالَتِ الْأُمُّ: "سَأَذْهَبُ لِأَجْلِبَ لَنَا بَعْضَ الْجَزَرِ. أَعِدْنِي أَنَّكَ لَنْ تَفْتَحَ الْبَابَ لِأَيِّ أَحَدٍ." وَعَدَهَا سُكَّرُ، وَلَكِنْ بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ رَحِيلِهَا، سَمِعَ صَوْتَ خُطُوَاتٍ ثَقِيلَةٍ. اهْتَزَّتِ الْأَرْضُ قَلِيلًا، وَعِنْدَمَا نَظَرَ مِنَ النَّافِذَةِ، رَأَى فِيلًا ضَخْمًا رَمَادِيَّ اللَّوْنِ. تَجَمَّدَ سُكَّرُ فِي مَكَانِهِ مِنَ الْخَوْفِ. "هَذَا هُوَ الْخَطَرُ الَّذِي حَذَّرَتْنِي مِنْهُ أُمِّي!" هَمَسَ لِنَفْسِهِ. لَاحَظَ الْفِيلُ "فَلْفُولُ" الْأَرْنَبَ الْخَائِفَ وَقَالَ بِصَوْتٍ عَمِيقٍ وَلَطِيفٍ: "مَرْحَبًا أَيُّهَا الصَّغِيرُ! هَلْ تُرِيدُ أَنْ نَلْعَبَ قَلِيلًا؟" لَكِنَّ سُكَّرَ صَرَخَ: "ابْتَعِدْ عَنِّي أَيُّهَا الْوَحْشُ!"

كَانَ هُنَاكَ ثَعْلَبٌ مَاكِرٌ اسْمُهُ "ثَعْلُوبُ" يُرَاقِبُ الْمَشْهَدَ عَنْ قُرْبٍ، وَقَرَّرَ أَنْ يَسْتَغِلَّ سَذَاجَةَ الْأَرْنَبِ. اقْتَرَبَ بِخُطُوَاتٍ هَادِئَةٍ وَابْتِسَامَةٍ مُخَادِعَةٍ عَلَى وَجْهِهِ. قَالَ بِصَوْتٍ نَاعِمٍ: "لَا تَخَفْ مِنْهُ يَا صَدِيقِي. أَنَا هُنَا لِأَحْمِيَكَ. مَا رَأْيُكَ أَنْ نَخْرُجَ لِنَلْعَبَ بَعِيدًا عَنْ هَذَا الْفِيلِ الْمُزْعِجِ؟" صَدَّقَ سُكَّرُ كَلِمَاتِهِ الْمَعْسُولَةَ وَشَعَرَ بِالْأَمَانِ مَعَهُ، فَخَرَجَ مِنَ الْمَنْزِلِ، مُخَالِفًا وَعْدَهُ لِأُمِّهِ.

قَالَ ثَعْلُوبُ: "هَيَّا نَتَسَابَقُ حَتَّى تِلْكَ الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ!" وَبَدَأَ يَرْكُضُ، آخِذًا سُكَّرَ بَعِيدًا وَبَعِيدًا عَنْ مَنْزِلِهِ. عِنْدَمَا تَأَكَّدَ أَنَّهُمَا أَصْبَحَا بِمُفْرَدِهِمَا، تَوَقَّفَ الثَّعْلَبُ وَتَغَيَّرَتْ نَظْرَتُهُ اللَّطِيفَةُ إِلَى نَظْرَةِ افْتِرَاسٍ. قَالَ بِشَرَاسَةٍ: "لَقَدْ كُنْتَ سَهْلَ الْخِدَاعِ أَيُّهَا الْأَرْنَبُ الصَّغِيرُ!" وَهَجَمَ عَلَيْهِ. فِي اللَّحْظَةِ الْأَخِيرَةِ، دَوَّى صَوْتٌ هَائِلٌ وَاهْتَزَّتِ الْأَرْضُ. لَقَدْ كَانَ الْفِيلُ فَلْفُولُ! كَانَ قَدْ تَبِعَهُمَا لِأَنَّهُ شَعَرَ بِأَنَّ الْأَرْنَبَ فِي خَطَرٍ. رَفَعَ فَلْفُولُ خُرْطُومَهُ وَأَطْلَقَ صَيْحَةً قَوِيَّةً، فَهَرَبَ الثَّعْلَبُ مَذْعُورًا.

ارْتَجَفَ سُكَّرُ مِنَ الْخَوْفِ وَالْخَجَلِ. نَظَرَ إِلَى الْفِيلِ وَقَالَ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ: "أَنَا... أَنَا آسِفٌ. لَقَدْ حَكَمْتُ عَلَيْكَ مِنْ شَكْلِكَ." رَبَّتَ فَلْفُولُ بِلُطْفٍ عَلَى رَأْسِهِ بِطَرَفِ خُرْطُومِهِ وَقَالَ: "لَا بَأْسَ يَا صَغِيرُ. لَقَدْ تَعَلَّمْتَ دَرْسًا مُهِمًّا الْيَوْمَ: لَا تَحْكُمْ عَلَى الْآخَرِينَ مِنْ مَظْهَرِهِمْ، بَلْ مِنْ أَفْعَالِهِمْ." فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، وَصَلَتِ الْأُمُّ وَعَانَقَتْ صَغِيرَهَا بِقُوَّةٍ. أَدْرَكَ سُكَّرُ أَنَّ طَاعَةَ وَالِدَتِهِ لَمْ تَكُنْ خَوْفًا زَائِدًا، بَلْ حِكْمَةً لِحِمَايَتِهِ.

القيم والدروس الأخلاقية

  • لَا تَحْكُمْ عَلَى الْكِتَابِ مِنْ غِلَافِهِ: الْمَظَاهِرُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ خَدَّاعَةً. قَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ ذُو الْمَظْهَرِ الْمُخِيفِ طَيِّبَ الْقَلْبِ، وَذُو الْمَظْهَرِ الْوَدُودِ شِرِّيرًا.
  • أَهَمِّيَّةُ طَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ: تَحْذِيرَاتُ الْوَالِدَيْنِ تَأْتِي مِنْ حُبِّهِمْ وَخِبْرَتِهِمْ، وَتَجَاهُلُهَا قَدْ يُوقِعُنَا فِي مَشَاكِلَ كَبِيرَةٍ.
  • الْأَفْعَالُ أَصْدَقُ مِنَ الْأَقْوَالِ: قِيمَةُ الْفَرْدِ الْحَقِيقِيَّةُ تَظْهَرُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَلَيْسَ فِي كَلِمَاتِهِ الْمَعْسُولَةِ.
  • الشَّجَاعَةُ فِي الدِّفَاعِ عَنِ الْآخَرِينَ: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ رَفْضِ الْأَرْنَبِ لَهُ، تَدَخَّلَ الْفِيلُ لِحِمَايَتِهِ عِنْدَمَا شَعَرَ أَنَّهُ فِي خَطَرٍ.

أسئلة لفهم القصة

أسئلة بسيطة

  1. لِمَاذَا كَانَ الْأَرْنَبُ سُكَّرُ يَبْقَى فِي الْمَنْزِلِ دَائِمًا؟
  2. مَنْ هُوَ أَوَّلُ حَيَوَانٍ رَآهُ سُكَّرُ عِنْدَمَا خَرَجَتْ أُمُّهُ؟ وَكَيْفَ كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِ؟
  3. كَيْفَ أَقْنَعَ الثَّعْلَبُ سُكَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِلِ؟
  4. مَنْ أَنْقَذَ سُكَّرَ مِنَ الثَّعْلَبِ فِي النِّهَايَةِ؟
  5. مَا هُوَ الدَّرْسُ الَّذِي عَلَّمَهُ الْفِيلُ لِلْأَرْنَبِ الصَّغِيرِ؟

أسئلة للتفكير النقدي

  1. لِمَاذَا صَدَّقَ سُكَّرُ الثَّعْلَبَ بِسُهُولَةٍ وَخَافَ مِنَ الْفِيلِ؟
  2. لَوْ كُنْتَ مَكَانَ الْفِيلِ وَصَرَخَ الْأَرْنَبُ فِي وَجْهِكَ، هَلْ كُنْتَ سَتُسَاعِدُهُ لَاحِقًا؟ وَلِمَاذَا؟
  3. كَيْفَ تَغَيَّرَتْ فِكْرَةُ سُكَّرَ عَنْ "الْخَطَرِ" مِنْ بِدَايَةِ الْقِصَّةِ إِلَى نِهَايَتِهَا؟

أسئلة لربط القصة بحياتك

  1. هَلْ سَبَقَ لَكَ أَنْ خِفْتَ مِنْ شَخْصٍ مَا بِسَبَبِ مَظْهَرِهِ، ثُمَّ اكْتَشَفْتَ أَنَّهُ لَطِيفٌ؟
  2. اذْكُرْ مَوْقِفًا طَلَبَ مِنْكَ فِيهِ وَالِدَاكَ عَدَمَ فِعْلِ شَيْءٍ لِحِمَايَتِكَ.
  3. مَاذَا تَفْعَلُ إِذَا حَاوَلَ شَخْصٌ غَرِيبٌ أَنْ يُقْنِعَكَ بِالذَّهَابِ مَعَهُ؟

أنشطة تفاعلية ممتعة

  • لعبة "مَنْ الطَّيِّبُ؟": اعْرِضْ صُوَرًا لِشَخْصِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (مِثْلَ تِنِّينٍ مُبْتَسِمٍ وَذِئْبٍ أَنِيقٍ) وَاسْأَلِ الطِّفْلَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الطَّيِّبُ وَلِمَاذَا، لِتُنَاقِشَ فِكْرَةَ أَنَّ الْمَظَاهِرَ خَدَّاعَةٌ.
  • ارسم المشهد الرئيسي: ارْسُمْ صُورَةً لِلْفِيلِ فَلْفُولَ وَهُوَ يُنْقِذُ الْأَرْنَبَ سُكَّرَ مِنَ الثَّعْلَبِ الْمَاكِرِ.
  • تمثيل دور الأم: تَخَيَّلْ أَنَّكَ الْأُمُّ وَتُرِيدُ أَنْ تُقْنِعَ ابْنَكَ بِالْبَقَاءِ فِي الْمَنْزِلِ. قُمْ بِتَمْثِيلِ الدَّوْرِ وَاشْرَحْ لَهُ بِلُطْفٍ أَسْبَابَ خَوْفِكَ وَكَيْفَ أَنَّكَ تُرِيدُ حِمَايَتَهُ.

إرسال تعليق

أحدث أقدم