حِكَايَةُ الْأَلْوَانِ وَاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ
فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، اجْتَمَعَتْ كُلُّ الْأَلْوَانِ فِي نُزْهَةٍ جَمِيلَةٍ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ. وَبَيْنَمَا كَانَتِ الْأَمْوَاجُ تَتَلَأْلَأُ، بَدَأَ كُلُّ لَوْنٍ يَتَبَاهَى بِنَفْسِهِ. قَالَ اللَّوْنُ الْأَزْرَقُ بِفَخْرٍ: "أَنَا أَجْمَلُكُمْ بِالتَّأْكِيدِ! أَنَا لَوْنُ السَّمَاءِ الصَّافِيَةِ وَالْبَحْرِ الْعَمِيقِ الَّذِي يَجْذِبُ النَّاسَ لِلسِّبَاحَةِ."
ضَحِكَ اللَّوْنُ الْأَصْفَرُ بِإِشْرَاقٍ وَقَالَ: "بَلْ أَنَا الْأَهَمُّ! أَنَا لَوْنُ الشَّمْسِ الَّتِي تُنِيرُ الْأَرْضَ وَتَمْنَحُ الدِّفْءَ، وَأَنَا لَوْنُ الذَّهَبِ الثَّمِينِ."
أَجَابَهُ اللَّوْنُ الْأَخْضَرُ: "كَلَّا، أَنَا أَكْثَرُكُمْ فَائِدَةً. أَنَا أَكْسُو الْأَرْضَ بِالْعُشْبِ الْجَمِيلِ، وَأَنَا لَوْنُ الْفَوَاكِهِ وَالْخَضْرَاوَاتِ الَّتِي تُغَذِّي الْجَمِيعَ."
وَعِنْدَمَا أَرَادَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ الْهَادِئُ أَنْ يَتَحَدَّثَ، قَاطَعَهُ اللَّوْنُ الْأَبْيَضُ بِغُرُورٍ: "وَأَنْتَ؟ مَا فَائِدَتُكَ؟ عِنْدَمَا تَظْهَرُ، يَغُطُّ الْجَمِيعُ فِي النَّوْمِ وَلَا يَرَاكَ أَحَدٌ." ضَحِكَتْ بَاقِي الْأَلْوَانِ وَاسْتَهْزَأَتْ بِهِ، فَشَعَرَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ بِغَضَبٍ وَحُزْنٍ عَمِيقَيْنِ.
قَرَّرَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ أَنْ يُلَقِّنَهُمْ دَرْسًا. وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: "سَيَعْرِفُونَ قِيمَتِي." وَعِنْدَمَا حَلَّ الْمَسَاءُ، لَمْ يَظْهَرْ. بَقِيَتِ السَّمَاءُ مُلَوَّنَةً بِأَلْوَانِ الْغُرُوبِ الْبَاهِتَةِ، وَلَمْ يَأْتِ الظَّلَامُ لِيُغَطِّيَ الْعَالَمَ.
حَاوَلَتِ الْأَلْوَانُ أَنْ تَنَامَ، لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ. كَانَ الضَّوْءُ الْخَافِتُ يُزْعِجُ أَعْيُنَهَا، وَشَعَرَتْ بِالتَّعَبِ الشَّدِيدِ. أَدْرَكُوا فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ كَمْ هُوَ مُهِمٌّ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ لِلرَّاحَةِ وَالْهُدُوءِ. ذَهَبَتْ جَمِيعُ الْأَلْوَانِ لِتَبْحَثَ عَنْهُ، وَعِنْدَمَا وَجَدُوهُ، اعْتَذَرُوا مِنْهُ بِصِدْقٍ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَعُودَ.
شَعَرَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ بِالرِّضَا وَقَالَ: "سَأَعُودُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَعِدُونِي بِأَلَّا تُقَلِّلُوا مِنْ قِيمَةِ أَحَدٍ مَرَّةً أُخْرَى." وَافَقَتِ الْأَلْوَانُ بِفَرَحٍ. وَمَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، فَرَدَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ عَبَاءَتَهُ الْمُخْمَلِيَّةَ عَلَى الْعَالَمِ. فَفَرِحَتْ كُلُّ الْأَلْوَانِ وَشَعَرَتْ بِالسَّكِينَةِ، وَنَامَتْ نَوْمًا عَمِيقًا. وَأَصْبَحَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ يَتَجَوَّلُ بِفَخْرٍ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ يُغَنِّي: "أَنَا الْأَسْوَدُ، أَنَا سِرُّ الرَّاحَةِ لِكُلِّ الْأَلْوَانِ."
القيم والدروس الأخلاقية
- لِكُلٍّ مِنَّا قِيمَتُهُ: لَا يَجِبُ أَنْ نُقَلِّلَ مِنْ شَأْنِ أَحَدٍ أَوْ نَسْتَهْزِئَ بِهِ، فَلِكُلِّ فَرْدٍ دَوْرٌ مُهِمٌّ وَقِيمَةٌ خَاصَّةٌ.
- أَهَمِّيَّةُ التَّكَامُلِ: الْعَالَمُ جَمِيلٌ بِتَنَوُّعِهِ، وَنَحْنُ نُكَمِّلُ بَعْضَنَا الْبَعْضَ. فَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالضَّوْءُ وَالظَّلَامُ، كُلُّهَا أَشْيَاءُ ضَرُورِيَّةٌ.
- الِاعْتِرَافُ بِالْخَطَأِ: عِنْدَمَا نُخْطِئُ، مِنَ الشَّجَاعَةِ أَنْ نَعْتَذِرَ وَنُصَحِّحَ خَطَأَنَا.
- نَحْنُ لَا نَعْرِفُ قِيمَةَ الشَّيْءِ إِلَّا بَعْدَ فُقْدَانِهِ: لَمْ تَعْرِفِ الْأَلْوَانُ قِيمَةَ اللَّيْلِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ اخْتَفَى.
أسئلة لفهم القصة
أسئلة بسيطة
- أَيْنَ اجْتَمَعَتِ الْأَلْوَانُ؟
- بِمَاذَا تَبَاهَى كُلٌّ مِنَ اللَّوْنِ الْأَزْرَقِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَخْضَرِ؟
- لِمَاذَا غَضِبَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ؟
- مَاذَا حَدَثَ عِنْدَمَا رَفَضَ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ الظُّهُورَ فِي اللَّيْلِ؟
- مَا هُوَ الشَّرْطُ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّوْنُ الْأَسْوَدُ لِيَعُودَ؟
أسئلة للتفكير النقدي
- هَلْ كَانَ اللَّوْنُ الْأَبْيَضُ عَلَى حَقٍّ عِنْدَمَا قَالَ إِنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنَ اللَّوْنِ الْأَسْوَدِ؟ لِمَاذَا؟
- لِمَاذَا يُعْتَبَرُ النَّوْمُ وَالرَّاحَةُ فِي الظَّلَامِ أَمْرًا مُهِمًّا؟
- كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُ لِلْأَلْوَانِ أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنْ نَفْسِهَا دُونَ أَنْ تُؤْذِيَ مَشَاعِرَ الْآخَرِينَ؟
أسئلة لربط القصة بحياتك
- هَلْ شَعَرْتَ يَوْمًا بِأَنَّ أَحَدًا قَلَّلَ مِنْ قِيمَتِكَ؟ كَيْفَ كَانَ شُعُورُكَ؟
- صِفْ شَيْئًا قَدْ يَبْدُو بَسِيطًا وَلَكِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا فِي حَيَاتِكَ الْيَوْمِيَّةِ (مِثْلَ النَّوْمِ أَوِ الْمَاءِ).
- كَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تُظْهِرَ تَقْدِيرَكَ لِأَصْدِقَائِكَ حَتَّى لَوْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ عَنْكَ؟
أنشطة تفاعلية ممتعة
- دَائِرَةُ الْأَلْوَانِ الْمُتَكَامِلَةِ: ارْسُمْ دَائِرَةً كَبِيرَةً وَقَسِّمْهَا إِلَى أَقْسَامٍ. لِيَقُمْ كُلُّ طِفْلٍ بِتَلْوِينِ قِسْمٍ بِلَوْنِهِ الْمُفَضَّلِ وَيَكْتُبْ شَيْئًا جَمِيلًا عَنْهُ. فِي النِّهَايَةِ، شَاهِدُوا كَيْفَ تُشَكِّلُ كُلُّ الْأَلْوَانِ مَعًا لَوْحَةً جَمِيلَةً.
- لُعْبَةُ "لَوْلَا وُجُودُكَ": اجْلِسُوا فِي دَائِرَةٍ. يَبْدَأُ الشَّخْصُ الْأَوَّلُ بِقَوْلِ شَيْءٍ مُهِمٍّ (مِثْلَ "الشَّمْسُ"). وَيَقُولُ الشَّخْصُ التَّالِي: "لَوْلَا وُجُودُ الشَّمْسِ، لَكَانَ الْعَالَمُ بَارِدًا وَمُظْلِمًا." وَهَكَذَا مَعَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ.
- ارْسُمِ اللَّيْلَ الْجَمِيلَ: عَلَى وَرَقَةٍ سَوْدَاءَ، اسْتَخْدِمْ أَقْلَامًا فِضِّيَّةً أَوْ ذَهَبِيَّةً لِتَرْسُمَ جَمَالَ اللَّيْلِ: النُّجُومَ، الْقَمَرَ، وَالْهُدُوءَ الَّذِي يَجْلِبُهُ.