جحا وأهل المدينة المهجورة

جحا وأهل المدينة المهجورة

تناول جحا طعام الغداء من الجبن والخبز والخيار والجرجير الأخضر والنباتات الخضراء الطازجة المغسولة جيداً بالماء حتى لا يصاب بالأمراض لأنه كان ينصح دائماً زوجته بغسل الخضروات والفاكهة جيداً بالماء خوفاً من البكتريا وكذلك قبل الطعام بغسل الأيدى جيداً بالماء والصابون لأن الأيدى تكون ملوثة بالميكروبات والعدوى.

وكان يقول لأولاده : إذا دخل أحدكم الحمام لقضاء حاجته بعد خروجه يغسل يديه بالماء والصابون لأن النظافة من الإيمان.

وكان جحا محباً للبيئة النظيفة ، يحافظ عليها دائماً ، ويدعو دائماً إلى زراعة الأشجار في كل مكان ، وفي كل طريق ، في المنزل يضع الورد والزهور والنباتات في كل مكان وفي الشرفات وحول المنزل حديقة بها الورود والنباتات الجميلة والخضروات الطازجة والفواكه الطازجة التي يأكل منها هو وأولاده ولا يرشها بالمبيدات.

وكانت العصافير تقف على الأشجار تأكل في اطمئنان وأمان ولا تصاب بالأمراض.

كانت البيئة صحية وكان ينصح أهل المدينة ويقول لهم كل من يزرع شجرة كأنه ملأ الجو هواء وأكسجين نظيفاً لأن النباتات مصدر من مصادر الأكسجين والإنسان دائماً في حاجة إلى الهواء النظيف والنباتات تحتاج إلى ثاني أكسيد الكربون الذى نطرده ولأن زيادة ثاني أكسيد الكربون تجعل الجو حاراً وزيادة الأكسجين تجعل الجو جميلاً نشيطاً فكان أهل القرية يسمعون كلامه دائماً.

فأصبحت القرية نموذجية مثالية متعادلة في البيئة الهواء نقى والحيوانات والطيور سعيدة وأهل القرية أصحاء ، الماء نظيف ، الطعام نظيف آمن ، والبيئة السليمة أساس الحياة السعيدة.

وكان الجو شتاء والمطر شديد والبيوت في بعض الأحياء ضعيفة من الطين اللبن.

وفي هذه الليلة اشتدت الأمطار لدرجة كبيرة لدرجة جعلت المياه تدخل البيوت والسيول غطت القرية...

وفي الجانب الشرقى للمدينة حى يسمى حى الفقراء بيوتهم من العشش المصنوعة من أخشاب الأشجار ومغطاة بأوراق النباتات اليابسة وينامون هم وأولادهم في هذا البرد الشديد على القش المستخرج من نبات الأرز والذرة ولكن السيول والمطر والرياح الشديدة بدأت تداعب هذه البيوت بشدة لدرجة هدمت كثيراً من البيوت واستيقظت القرية على أصوات الرجال والنساء والأطفال وهم غرقى في الطين ومبللين بالمياه.

وأحس جحا بالمياه تدخل داره وهو نائم فبدأ في إيقاظ زوجته وأولاده بسرعة وجعلهم أعلى المنزل ولبس ملابسه بسرعة وقالت له زوجته : إلى أين يا جحا ؟

قال لها : ألا تسمعين ما يحدث ؟! قرية الفقراء أصبحت مهجورة ، لقد سقطت البيوت على أهلها ، ولابد من مساعدتهم بأي وسيلة.

وخرج وركب حماره وكان الحمار يسير بصعوبة بالغة وسط الأمطار والطين.

ووصل جحا إلى القرية ووجدها خراباً ودماراً ووجد الناس يجلسون في الطرقات وعلى الأشجار.

وبدأ جحا يقترب منهم وينظر إليهم ويقول لهم : تعالوا أيها الناس سوف نساعدكم وجمع الأولاد والنساء والأطفال الصغار والرجال ونزح بهم إلى قريته وحث أهل القرية أن كل أسرة من القرية تستضيف أسرة أخرى لحين مساعدة أهل القرية المهجورة وبدأ جحا في التفكير كيف يساعد هذه القرية المسكينة المنكوبة وأخذ هو أسرتين من أهالي القرية إلى بيته ونادى على زوجته بأعلى صوته وكانت هي بأعلى المنزل ، وكان الجو قد بدأ في التحسن والمطر توقف بعض الشيء.

وقالت له زوجته : ماذا تريد يا جحا ؟

قال لها : لقد جئت إليك بهديتين.

قالت له : ما هذه الهدايا ؟

قال لها : أسرتين من الأسر المنكوبة من القرية المهجورة أريد منك أن تستضيفيهم وتطعميهم لحين إصلاح بيوتهم.

قالت له زوجته : يا جحا البيت صغير علينا.

قال لها : سوف أخرج أنا والأولاد هم في جنب وأنا في جنب آخر ونشد البيت حتى نكبره.

فضحكت زوجته من سخريته اللاذعة.

وقال لها : لابد لنا من عمل الخير حتى ولو كان صغيراً وسوف ننام أنا وأنت والأولاد في أعلى المنزل وهؤلاء الناس ينامون في الحجر أسفل المنزل لأنهم ضيوف.

وفكر جحا بسرعة في إنقاذ أهل المدينة المهجورة وجمع أهل قريته وقال لهم : لابد يا إخوانى من المساعدة بسرعة أى أحد منكم يملك شيئاً زيادة يستغنى عنه لابد من إحضاره هنا من غطاء وأخشاب ونقود وطعام وسوف نتعاون جميعاً من أجل المساعدة.

وفعلاً سمع الناس كلام جحا وفي فترة وجيزة امتلأت الساحة بالأغطية والأخشاب والأطعمة المختلفة وحمل الرجال الأخشاب والأغطية وبدأوا في بناء البيوت بعد حفر الأرض ووضع الأخشاب وربطها جيداً بالحبال وتم تغطيتها بقوة بحيث لا يستطيع الماء المرور من أعلى المنازل وتم بناء قرية نموذجية في وقت قياسي المنازل بها حظيرة صغيرة للمواشى وتم عمل أبواب للمنازل وتم وضع الغلال والأطعمة في مخازن صحية للحفاظ على الطعام لفترة طويلة والكل في القرية سعيد لهذه المساعدة العظيمة وقت الشدة وجحا في غاية النشاط والسرور بهذا الخير الكثير.

ورجع أهل القرية إلى بيوتهم سعداء وأصبح لكل أسرة منزل جميل متين صحى وعنده طعام وأغطية وأهل القرية المهجورة سعداء وأخذوا يشكرون جحا وجحا سعيد بهم وهو يقول لهم : حافظوا على بيوتكم ولا تسمحوا للمطر أن يدخل عندكم إلا بإذنكم وهم يضحكون من نوادره.

وقال لهم : إن الخير لا يحتاج إلى الشكر لأن حقوقكم علينا مساعدتكم لأننا جيران والجار للجار وأننا أهل بلد واحد وإذا أردتم شيئاً فنادوا ولن يسمعكم أحد.

فضحكوا جميعاً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم