فِي لَيْلَةٍ صَافِيَةٍ مُضِيئَةٍ، بَعِيداً فِي أَعْمَاقِ السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ، كَانَتْ هُنَاكَ نَجْمَةٌ صَغِيرَةٌ تُدْعَى "زَهْرَة". كَانَتْ زَهْرَةُ مُخْتَلِفَةً عَنْ بَاقِي النُّجُومِ، فَلَمْ تَكُنْ تُضِيءُ بِقُوَّةٍ مِثْلَهُنَّ، وَهَذَا جَعَلَهَا تَشْعُرُ بِالحُزْنِ وَالوَحْدَةِ.
رِحْلَةُ زَهْرَةَ النَّجْمَةِ الصَّغِيرَةِ إِلَى الأَرْضِ
فِي إِحْدَى اللَّيَالِي، سَمِعَتْ زَهْرَةُ صَوْتَ طِفْلٍ صَغِيرٍ يَبْكِي عَلَى الأَرْضِ. كَانَ الطِّفْلُ يُدْعَى "أَحْمَد" وَكَانَ خَائِفاً مِنَ الظَّلامِ. نَظَرَتْ زَهْرَةُ إِلَى أَسْفَل وَرَأَتْ أَحْمَد يَجْلِسُ وَحِيداً فِي حَدِيقَةِ بَيْتِهِ.
"يَا إِلَهِي!" قَالَتْ زَهْرَةُ لِنَفْسِهَا. "هَذَا الطِّفْلُ يَحْتَاجُ إِلَى مُسَاعَدَتِي. رُبَّمَا ضَوْئِي الصَّغِيرُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَاعِدَهُ!"
قَرَّرَتْ زَهْرَةُ أَنْ تَتْرُكَ مَكَانَهَا فِي السَّمَاءِ وَتَنْزِلَ إِلَى الأَرْضِ. فِي طَرِيقِهَا، الْتَقَتْ بِقَمَرٍ حَكِيمٍ يُدْعَى "نُور".
"أَيْنَ تَذْهَبِينَ يَا زَهْرَةُ الصَّغِيرَةُ؟" سَأَلَ نُور بِلُطْفٍ.
"أُرِيدُ أَنْ أُسَاعِدَ طِفْلاً خَائِفاً مِنَ الظَّلامِ،" أَجَابَتْ زَهْرَةُ بِشَجَاعَةٍ.
ابْتَسَمَ نُور وَقَالَ: "هَذَا عَمَلٌ نَبِيلٌ يَا صَغِيرَتِي. سَأُرْسِلُ مَعَكِ صَدِيقَيْنِ لِيُسَاعِدَاكِ - النَّسِيم اللَّطِيف 'هَادِي' وَالفَرَاشَة الذَّهَبِيَّة 'لُؤْلُؤَة'."
عِنْدَمَا وَصَلَتْ زَهْرَةُ إِلَى حَدِيقَةِ أَحْمَد، وَجَدَتْهُ مَا زَالَ يَجْلِسُ وَحِيداً تَحْتَ شَجَرَةِ الزَّيْتُونِ الكَبِيرَةِ. أَضَاءَتْ زَهْرَةُ بِكُلِّ قُوَّتِهَا، فَأَضَاءَتِ الحَدِيقَةُ بِنُورٍ دَافِئٍ وَلَطِيفٍ.
"مَنْ هُنَاكَ؟" سَأَلَ أَحْمَد بِصَوْتٍ مُرْتَعِشٍ.
"مَرْحَباً يَا أَحْمَد،" قَالَتْ زَهْرَةُ بِصَوْتٍ حَنُونٍ. "أَنَا زَهْرَةُ، نَجْمَةٌ صَغِيرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. سَمِعْتُ بُكَاءَكَ فَجِئْتُ لأُسَاعِدَكَ."
أَخْبَرَ أَحْمَد زَهْرَةَ أَنَّهُ يَخَافُ مِنَ الظَّلامِ وَيَشْعُرُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ. فَقَالَتْ لَهُ زَهْرَةُ:
"أَتَعْلَمُ يَا أَحْمَد؟ أَنَا أَيْضاً كُنْتُ أَشْعُرُ بِأَنَّنِي ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ ضَوْئِي صَغِيرٌ مُقَارَنَةً بِالنُّجُومِ الأُخْرَى. وَلَكِنْ عِنْدَمَا قَرَّرْتُ أَنْ أُسَاعِدَكَ، اكْتَشَفْتُ أَنَّ قُوَّتِي الحَقِيقِيَّةَ تَكْمُنُ فِي قَلْبِي الطَّيِّبِ وَرَغْبَتِي فِي مُسَاعَدَةِ الآخَرِينَ."
فَجْأَةً، ظَهَرَ هَادِي النَّسِيم اللَّطِيف وَلُؤْلُؤَة الفَرَاشَة الذَّهَبِيَّة. رَقَصُوا حَوْلَ أَحْمَد وَزَهْرَة، فَامْتَلَأَتِ الحَدِيقَةُ بِالأَلْوَانِ الجَمِيلَةِ وَالعُطُورِ الزَّكِيَّةِ.
قَالَ هَادِي لأَحْمَد: "الخَوْفُ شَيْءٌ طَبِيعِيٌّ يَا صَغِيرِي، وَلَكِنَّ الشَّجَاعَةَ لَا تَعْنِي عَدَمَ الخَوْفِ، بَلْ تَعْنِي أَنْ تَفْعَلَ الشَّيْءَ الصَّحِيحَ رُغْمَ خَوْفِكَ."
وَأَضَافَتْ لُؤْلُؤَة: "وَالصَّدَاقَةُ تَجْعَلُنَا أَقْوَى. عِنْدَمَا نَكُونُ مَعاً، يُمْكِنُنَا أَنْ نُوَاجِهَ أَيَّ تَحَدٍّ."
عِنْدَمَا حَانَ وَقْتُ العَوْدَةِ، وَعَدَتْ زَهْرَةُ أَحْمَد أَنْ تُضِيءَ لَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ. وَوَعَدَ أَحْمَد أَنْ يَكُونَ شُجَاعاً وَأَنْ يُسَاعِدَ الأَطْفَالَ الآخَرِينَ الَّذِينَ يَخَافُونَ مِنَ الظَّلامِ.
مُنْذُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، أَصْبَحَ أَحْمَد طِفْلاً شُجَاعاً وَطَيِّباً، وَأَصْبَحَتْ زَهْرَةُ النَّجْمَةُ الأَكْثَرُ إِشْرَاقاً فِي السَّمَاءِ، لَيْسَ بِسَبَبِ قُوَّةِ ضَوْئِهَا، وَلَكِنْ بِسَبَبِ حُبِّهَا وَطِيبَةِ قَلْبِهَا.
القِيَمُ وَالدُّرُوسُ المُسْتَفَادَةُ
- الشَّجَاعَةُ الحَقِيقِيَّةُ: تَكْمُنُ فِي مُوَاجَهَةِ مَخَاوِفِنَا وَمُسَاعَدَةِ الآخَرِينَ
- قُوَّةُ الصَّدَاقَةِ: الأَصْدِقَاءُ يُقَوُّونَ بَعْضَهُمْ وَيُسَاعِدُونَ فِي التَّغَلُّبِ عَلَى الصُّعُوبَاتِ
- اكْتِشَافُ القُدُرَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ: كُلُّ شَخْصٍ لَدَيْهِ قُدُرَاتٌ خَاصَّةٌ يُمْكِنُ اسْتِخْدَامُهَا لِلخَيْرِ
- أَهَمِّيَّةُ مُسَاعَدَةِ الآخَرِينَ: عِنْدَمَا نُسَاعِدُ غَيْرَنَا، نَكْتَشِفُ قُوَّتَنَا الحَقِيقِيَّةَ
أَسْئِلَةُ الفَهْمِ
- لِمَاذَا كَانَتْ زَهْرَةُ تَشْعُرُ بِالحُزْنِ فِي البِدَايَةِ؟
- مَا الَّذِي دَفَعَ زَهْرَةَ إِلَى النُّزُولِ إِلَى الأَرْضِ؟
- مَنْ هُمُ الأَصْدِقَاءُ الَّذِينَ سَاعَدُوا زَهْرَةَ فِي رِحْلَتِهَا؟
- كَيْفَ تَغَيَّرَ أَحْمَد بَعْدَ لِقَائِهِ بِزَهْرَةَ؟
- مَا الَّذِي جَعَلَ زَهْرَةَ الأَكْثَرَ إِشْرَاقاً فِي السَّمَاءِ؟
أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ
- بِرَأْيِكَ، هَلْ كَانَ قَرَارُ زَهْرَةَ بِتَرْكِ السَّمَاءِ صَحِيحاً؟ وَلِمَاذَا؟
- كَيْفَ يُمْكِنُ لِشَخْصٍ أَن يَتَغَلَّبَ عَلَى مَخَاوِفِهِ فِي الحَيَاةِ الحَقِيقِيَّةِ؟
- مَا الَّذِي يَجْعَلُ الشَّخْصَ مُمَيَّزاً، حَجْمُ قُدُرَاتِهِ أَمْ طَرِيقَةُ اسْتِخْدَامِهَا؟
أَسْئِلَةٌ تَرْبِطُ بِالحَيَاةِ اليَوْمِيَّةِ
- هَلْ سَبَقَ وَأَنْ سَاعَدْتَ صَدِيقاً يَشْعُرُ بِالخَوْفِ؟ كَيْفَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟
- مَا هِيَ المَوَاقِفُ الَّتِي تُخِيفُكَ؟ وَكَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَكُونَ شُجَاعاً فِيهَا؟
- كَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تُسَاعِدَ الأَطْفَالَ الآخَرِينَ فِي مَدْرَسَتِكَ أَو حَيِّكَ؟
أَنْشِطَةٌ تَفَاعُلِيَّةٌ
نَشَاطُ الرَّسْمِ
ارْسُمْ زَهْرَةَ النَّجْمَةَ وَهِيَ تُضِيءُ لأَحْمَد فِي الحَدِيقَةِ. اسْتَخْدِمْ أَلْوَاناً دَافِئَةً وَمُشْرِقَةً لِتُظْهِرَ جَمَالَ الصَّدَاقَةِ.
نَشَاطُ التَّمْثِيلِ
مَثِّلْ دَوْرَ زَهْرَةَ أَوْ أَحْمَد مَعَ أَصْدِقَائِكَ. تَنَاوَبُوا عَلَى الأَدْوَارِ وَأَضِيفُوا حِوَارَاتٍ جَدِيدَةً مِنْ إِبْدَاعِكُمْ.
لُعْبَةُ "نَجْمَةُ الشَّجَاعَةِ"
اجْتَمِعُوا فِي دَائِرَةٍ وَلْيَحْكِ كُلُّ طِفْلٍ عَنْ مَوْقِفٍ كَانَ شُجَاعاً فِيهِ أَو يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ شُجَاعاً فِيهِ. الطِّفْلُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ يُمْسِكُ "نَجْمَةَ الشَّجَاعَةِ" (نَجْمَة مِنَ الوَرَقِ المُقَوَّى).