الْأَسَدُ الْمُتَكَبِّرُ وَالْقِرْدُ الذَّكِيُّ
فِي غَابَةٍ بَعِيدَةٍ، عَاشَ أَسَدٌ مُتَكَبِّرٌ كَانَ يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ مَلِكًا مُطْلَقًا. كَانَ يَفْرِضُ سَيْطَرَتَهُ عَلَى بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ بِقُوَّتِهِ، فَكَانَتْ تَعِيشُ فِي خَوْفٍ دَائِمٍ مِنْهُ وَتُقَدِّمُ لَهُ الطَّعَامَ رَغْمًا عَنْهَا.
فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، شَعَرَ الْقِرْدُ "مَيْمُونُ" بِالظُّلْمِ الشَّدِيدِ وَقَرَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ حَدٍّ لِتَسَلُّطِ الْأَسَدِ. ذَهَبَ لِيَسْتَشِيرَ السُّلَحْفَاةَ الْحَكِيمَةَ، الَّتِي هَمَسَتْ لَهُ بِخُطَّةٍ ذَكِيَّةٍ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى الْقُوَّةِ، بَلْ عَلَى الْحِيلَةِ.
فِي الْيَوْمِ التَّالِي، بَدَأَ مَيْمُونُ بِتَنْفِيذِ الْخُطَّةِ. أَخَذَ يَقْفِزُ عَلَى أَغْصَانِ الشَّجَرِ أَمَامَ عَرِينِ الْأَسَدِ وَيُصْدِرُ أَصْوَاتًا عَالِيَةً. خَرَجَ الْأَسَدُ غَاضِبًا، فَصَاحَ مَيْمُونُ مُتَحَدِّيًا: "لَنْ تَتَمَكَّنَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيَّ أَيُّهَا الْأَسَدُ الْكَسُولُ!"
زَأَرَ الْأَسَدُ بِغَضَبٍ أَشَدَّ، لَكِنَّ مَيْمُونَ اسْتَمَرَّ فِي اسْتِفْزَازِهِ قَائِلًا: "وَالْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، سَآتِيكَ اللَّيْلَةَ وَأَنْتَ نَائِمٌ لِأَضْرِبَكَ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ عَلَى رَأْسِكَ وَأُخَلِّصَ الْغَابَةَ مِنْ ظُلْمِكَ!"
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ غُرُورِهِ، شَعَرَ الْأَسَدُ بِالْخَوْفِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ. ظَلَّ مُسْتَيْقِظًا طَوَالَ اللَّيْلِ، يَنْتَظِرُ هُجُومَ الْقِرْدِ، لَكِنَّ مَيْمُونَ كَانَ نَائِمًا بِسَلَامٍ فِي بَيْتِهِ. تَكَرَّرَ هَذَا الْأَمْرُ لِأَيَّامٍ عَدِيدَةٍ. كُلَّ يَوْمٍ، كَانَ الْقِرْدُ يُهَدِّدُ الْأَسَدَ، وَكُلَّ لَيْلَةٍ، كَانَ الْأَسَدُ لَا يَسْتَطِيعُ النَّوْمَ أَوِ الْأَكْلَ خَوْفًا وَقَلَقًا.
بَدَأَ الضَّعْفُ وَالْهُزَالُ يُصِيبَانِ الْأَسَدَ الْقَوِيَّ. وَكُلَّمَا حَاوَلَ أَنْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ، كَانَ يَتَخَيَّلُ مَيْمُونَ وَهُوَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ. فِي النِّهَايَةِ، لَمْ يَعُدْ يَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَ هَذَا الرُّعْبِ النَّفْسِيِّ.
جَمَعَ الْأَسَدُ أَغْرَاضَهُ الْقَلِيلَةَ، وَتَحْتَ جُنْحِ الظَّلَامِ، هَرَبَ مِنَ الْغَابَةِ إِلَى الْأَبَدِ. وَفِي الصَّبَاحِ، خَرَجَتِ الْحَيَوَانَاتُ وَلَمْ تَجِدِ الْأَسَدَ، فَعَمَّتِ الْفَرْحَةُ أَرْجَاءَ الْغَابَةِ وَعَاشَ الْجَمِيعُ فِي سَلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ بِفَضْلِ ذَكَاءِ قِرْدٍ صَغِيرٍ وَحِكْمَةِ سُلَحْفَاةٍ عَجُوزٍ.
القيم والدروس الأخلاقية
- الذَّكَاءُ يَتَفَوَّقُ عَلَى الْقُوَّةِ: لَيْسَتِ الْقُوَّةُ الْبَدَنِيَّةُ هِيَ الْحَلَّ دَائِمًا، فَالْحِيلَةُ وَالتَّخْطِيطُ الذَّكِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَهْزِمَا أَقْوَى الْخُصُومِ.
- مُوَاجَهَةُ الظُّلْمِ: لَا يَجِبُ السُّكُوتُ عَنِ الظُّلْمِ، فَالْوُقُوفُ ضِدَّ الْمُتَنَمِّرِ بِشَجَاعَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُحَرِّرَ الْجَمِيعَ.
- الْخَوْفُ سِلَاحٌ نَفْسِيٌّ: اسْتَطَاعَ الْقِرْدُ أَنْ يَهْزِمَ الْأَسَدَ بِزَرْعِ الْخَوْفِ وَالْقَلَقِ فِي نَفْسِهِ، مِمَّا أَضْعَفَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ ضَرْبَةٍ.
- أَهَمِّيَّةُ الْمَشُورَةِ: اسْتِشَارَةُ الْحُكَمَاءِ (مِثْلَ السُّلَحْفَاةِ) قَبْلَ الْقِيَامِ بِعَمَلٍ مُهِمٍّ يَقُودُنَا إِلَى النَّجَاحِ.
أسئلة لفهم القصة
أسئلة بسيطة
- كَيْفَ كَانَ الْأَسَدُ يُعَامِلُ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ؟
- مَنِ الَّذِي وَضَعَ الْخُطَّةَ لِهِزِيمَةِ الْأَسَدِ؟
- مَا هُوَ التَّهْدِيدُ الَّذِي كَانَ يُوَجِّهُهُ الْقِرْدُ لِلْأَسَدِ كُلَّ يَوْمٍ؟
- مَاذَا حَدَثَ لِلْأَسَدِ بِسَبَبِ الْخَوْفِ وَقِلَّةِ النَّوْمِ؟
- كَيْفَ انْتَهَتِ الْقِصَّةُ لِلْأَسَدِ؟
أسئلة للتفكير النقدي
- لِمَاذَا صَدَّقَ الْأَسَدُ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ قُوَّتِهِ، تَهْدِيدَ قِرْدٍ صَغِيرٍ؟
- هَلْ كَانَتْ خُطَّةُ الْقِرْدِ وَالسُّلَحْفَاةِ خُطَّةً جَيِّدَةً؟ هَلْ تُوجَدُ طُرُقٌ أُخْرَى لِمُوَاجَهَةِ الْأَسَدِ؟
- هَذِهِ الْقِصَّةُ تُعَلِّمُنَا أَنَّ الْقُوَّةَ لَيْسَتْ كُلَّ شَيْءٍ. مَا هِيَ الصِّفَاتُ الْأُخْرَى الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ؟
أسئلة لربط القصة بحياتك
- صِفْ مَوْقِفًا اسْتَخْدَمْتَ فِيهِ ذَكَاءَكَ لِحَلِّ مُشْكِلَةٍ بَدَلًا مِنَ الْغَضَبِ.
- مَنْ هُوَ الشَّخْصُ "الْحَكِيمُ" الَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ لِطَلَبِ النَّصِيحَةِ؟
- كَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تُواجِهَ شَخْصًا يَتَنَمَّرُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَى أَصْدِقَائِكَ بِطَرِيقَةٍ ذَكِيَّةٍ وَلَيْسَتْ عَنِيفَةً؟
أنشطة تفاعلية ممتعة
- ارْسُمِ الْخُطَّةَ الذَّكِيَّةَ: ارْسُمْ صُورَةً لِلْقِرْدِ مَيْمُونَ وَالسُّلَحْفَاةِ الْحَكِيمَةِ وَهُمَا يَهْمِسَانِ لِبَعْضِهِمَا وَيُخَطِّطَانِ لِهِزِيمَةِ الْأَسَدِ.
- تَمْثِيلُ مَشْهَدِ التَّحَدِّي: قُمْ بِتَمْثِيلِ الْمَشْهَدِ الَّذِي يَقْفِزُ فِيهِ الْقِرْدُ عَلَى الْأَشْجَارِ وَيُوَجِّهُ التَّهْدِيدَ لِلْأَسَدِ الْغَاضِبِ.
- لُعْبَةُ "بُرْجُ الْقُوَّةِ ضِدَّ بُرْجِ الذَّكَاءِ": يَقُومُ فَرِيقَانِ بِبِنَاءِ بُرْجٍ مِنَ الْمُكَعَّبَاتِ. فَرِيقُ "الْقُوَّةِ" يَسْتَخْدِمُ مُكَعَّبَاتٍ كَبِيرَةً فَقَطْ. فَرِيقُ "الذَّكَاءِ" يَسْتَخْدِمُ مُكَعَّبَاتٍ صَغِيرَةً وَمُتَنَوِّعَةً. انْظُرُوا أَيُّ بُرْجٍ يَصْمُدُ أَكْثَرَ.