ثمن المبراة
حَصَلَتْ رَامَة عَلَى مَصْرُوفِهَا الْأَسْبُوعِي مِنْ وَالِدِهَا فَشَكَرَتْهُ وَقَبَّلَتْ يَدَهُ وَوِجْنَتَيْهِ، وَدَعَتْ لَهُ بِالرِزْقِ الْوَفِيرِ.
ذَهَبَتْ سَعِيدَةً إِلَى غُرْفَتِهَا ، وَوَضَعَتْ جُزُءاً مِنْ مَصْرُوفِهَا فِي صُنْدُوقٍ صَغِيرٍ ، ثُمَّ هَاتَفَتْ صَدِيقَتِهَا نَوَّارٍ، وَاتَفَقَتْ مَعَهَا عَلَى الذَّهَابِ سَوِّيًا إِلَى الْمَكْتَبَةِ لِشِرَاءِ مَا يَلْزَمَهُمَا مِنْ أَدَوَاتٍ مَدْرَسِيَّةِ ضَرُورِيَةٍ.
قَامَتْ بِتَسْرِيح شَعْرهَا ، وَأَخَذَتْ مِنَ الصُّنْدُوق الصَّغِيْرِ مَا تَحْتَاجَهُ مِنَ النُّقُودِ ثُمَّ وَضَعَتِ النُّقُودَ فِي حَقِيْبَتِهَا الصَّغِيْرَةِ بِكُلِّ حِرْصٍ.
وَعِنْدَمَا رَنَّ جَرَسُ البَابِ فَتَحَتْهُ لِتَجِدَ نَوّارِ أَمَامَهَا مُبْتَسِمَةً، فَحَيْتُهَا، وَصَافَحَتْهَا، وَخَرَجَتْ مَعَهَا، ثُمَّ أَغْلَقَتِ الْبَابَ جَيْدًا بَعْدَ أَنْ اسْتَأْذَنَتْ وَالِدَهَا. وَفِي الطَّرِيق أَخَذُوا يَتَحَدَّثُونَ عَنِ الرِّحْلَةِ المَدْرَسِيَّةِ الَّتِي نَظَّمَتْهَا المَدْرَسَةُ إِلَى حَدِيقَةِ الحَيْوَانِ.
رَامَة فِي سَعَادَةٍ : غَدًا سَأَدْفَعُ مَصْرُوفَاتِ الرِّحْلَةِ. رَدَتْ نَوَّارُ فِي حُزْنٍ: لَنَ أَتَمَكَّنَ مِنَ الذَّهَابِ، لَيْسَ لَدَيَّ النُّقُودُ الكَافِيَةُ. رَامَة : كُنْتُ أَدْخِرُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءاً مِنْ مَصْرُوفِي فِي صُنْدُوقِي الصَّغِيرِ مُنْذُ شَهْرٍ لأَذْهَبَ إِلَى الحَدِيقَةِ مَعَ زُمَلَائِي وَأَرَى الحَيْوَانَاتِ.
فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ وَصَلُّوا إِلَى مَكْتَبَةٍ كَبِيرَةٍ، تَعْرِضُ أَشْيَاءَ مُتَمَيْزَةٍ، أَسْرَعَتْ نَوَّارُ بِالدُّخُولِ إِلَيْهَا. وَهُنَاكَ أَعْجَبَتْ نَوَارُ مِبْرَاةً لَهَا شكل لَعْبَةٍ، فَقَرَّرَتْ شِرَاءَهَا وَنَصَحَتْ رَامَة بِأَنْ تَفْعَل ، فَرَدَّتْ رَامَة بِثِقَةِ : لَا يَا صَدِيقَتِي تَمَهَّلِي، أَشْعُرُ أَنَّ ثَمَنَ الأَشْيَاءِ هُنَا فِي هَذِهِ الْمَكْتَبَةِ غَالِيَةً، وَأَعْرِفُ أَمَاكِنَ تَبِيْعُ بِسِعْر أَرْخَص. رَدَّتْ نَوَارُ : لَا لَا لَنْ أنْتَظِرَ ؛ سَأَشْتَرِيهَا لِأَنَّنِي أَحْبَبْتُهَا، وَلَنْ تَجِدِي مِثْلَهَا بسعر أقل، أَنَا مُتَاكِدةً مِمَّا قُلْتُهُ ، فَهِيَ رَائِعُةٌ وَتَسْتَحِقُّ هَذَا الثَّمَنِ الْمُرْتَفِعِ. قَالَتْ رَامَة : أَمَّا أَنَا فَسَأَسْأَلُ عَنْهَا فِي أَمَاكِنَ أُخْرَى.
اِشْتَرِتِ نَوَّارُ الْمِبْرَاةَ، وَخَرَجَتْ سَعِيدَةً بِمَا اشْتَرَتْ، ثُمَّ أَسْرَعَتْ نَحْوَ مَنْزِلِهَا بَعْدَ أَنْ اعْتَذَرَتْ عَنْ مُرَافَقَةِ رَامَةِ، لِأَنَّ نُقُودَهَا قَدْ نَفِذَتْ.
ذَهَبَتْ رَامَة وَحْدَهَا إِلَى مَكْتَبَةِ أُخْرَى تَعْرَفُها ، وَهُنَاكَ وَجَدَتْ المِبْرَاةَ ذَاتَهَا، وَدَفَعَتْ ثَمَنًا لَهَا أَقَلُّ بِكَثِيرِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَتْهُ نَوَّار ، وَاشْتَرَتْ مَعَهَا مِمْحَاةً رَائِعَةً، وَقِطْعَةَ حَلْوَى لَذِيْدَةٍ ، وَاحْتَفَظَتْ بِبَاقِي النُّقُودِ ثُمَّ عَادَتْ إِلَى المَنْزِلِ. كَانَتْ رَامَةٍ تُحِبُّ أَنْ تُفَكِّر قَبْلَ الشَّرَاءِ؛ هَلْ هَذَا سَيُفِيدُ؟ وَإِنْ كَانَ مُفِيدًا كَمْ سِعْرُهُ فِي الْأَمَاكِنِ الْأُخْرَى ؛ حَتَّى تَسْتَفِيْدَ مِنْ شِرَاءِ أَشْيَاءَ أُخْرَى تَحْتَاجُهَا.
وَفِي المَدْرَسَةِ رَأَتْ نَوَارُ المِبْرَاةَ وَالمِمْحَاةَ الجَدِيدَةَ مَعَ رَامَة، كَمَا دَفَعَتْ مَصْرُوفَاتِ الرِّحْلَةِ. هُنَا فَهِمَتْ نَوَارُ أَنَّ عَدَمَ الاِسْتَعْجَالِ فِي الشَّرَاءِ وَالسُّؤَالِ عَنِ القِطْعَةِ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ هُوَ أَمْرٌ يَنمُ عَنْ ذَكَاءِ وَحِكْمَةٍ، وَأَنَّ الأَدْخَارَ يُفِيدُ فِي تَحْقِيقِ الْكَثِيرِ مِنَ الْأَهْدَافِ إِنْ أَحْسَنَا التَّخْطِيطَ.