أَبْنَاءُ الْخَيَّاطِ وَصَاحِبُ الْخَانِ الْمَاكِرُ
كَانَ يَا مَا كَانَ، خَيَّاطٌ طَيِّبٌ يَعِيشُ مَعَ أَبْنَائِهِ الثَّلَاثَةِ: أَمِينٍ وَكَرِيمٍ وَذَكِيٍّ. كَانُوا أُسْرَةً سَعِيدَةً وَلَكِنَّهَا فَقِيرَةٌ جِدًّا. وَلِكَيْ يَمْنَحَهُمْ مُسْتَقْبَلًا أَفْضَلَ، أَرْسَلَ الْخَيَّاطُ أَبْنَاءَهُ لِيَتَعَلَّمُوا حِرْفَةً. الْابْنُ الْأَوَّلُ، أَمِينُ، أَصْبَحَ نَجَّارًا. وَكَمُكَافَأَةٍ لِعَمَلِهِ الْجَادِّ، أَعْطَاهُ مُعَلِّمُهُ طَاوِلَةً خَشَبِيَّةً صَغِيرَةً وَقَالَ: "هَذِهِ طَاوِلَةٌ سِحْرِيَّةٌ، فَقَطْ قُلْ 'يَا طَاوِلَةُ، امْتَلِئِي!' وَسَتَمْتَلِئُ بِأَشْهَى الطَّعَامِ".
فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ، تَوَقَّفَ أَمِينُ فِي خَانٍ. أَخْبَرَهُ صَاحِبُ الْخَانِ الْمَاكِرُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَعَامٌ. "لَا مُشْكِلَةَ!" قَالَ أَمِينُ. وَضَعَ الطَّاوِلَةَ وَصَاحَ: "يَا طَاوِلَةُ، امْتَلِئِي!". وَفِي الْحَالِ، امْتَلَأَتْ بِالْخُبْزِ الدَّافِئِ وَالْكَعْكِ اللَّذِيذِ. اتَّسَعَتْ عَيْنَا صَاحِبِ الْخَانِ طَمَعًا. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بَيْنَمَا كَانَ أَمِينُ نَائِمًا، قَامَ صَاحِبُ الْخَانِ بِاسْتِبْدَالِ الطَّاوِلَةِ السِّحْرِيَّةِ بِأُخْرَى عَادِيَّةٍ. عِنْدَمَا وَصَلَ أَمِينُ إِلَى بَيْتِهِ، حَاوَلَ أَنْ يُرِيَ وَالِدَهُ السِّحْرَ، لَكِنَّ شَيْئًا لَمْ يَحْدُثْ. فَانْفَطَرَ قَلْبُهُ حُزْنًا.
الْابْنُ الثَّانِي، كَرِيمُ، أَصْبَحَ طَحَّانًا. أَهْدَاهُ مُعَلِّمُهُ حِمَارًا عَجِيبًا وَقَالَ: "هَذَا لَيْسَ حِمَارًا عَادِيًّا، عِنْدَمَا تَقُولُ لَهُ 'يَا حِمَارُ، اهْتَزَّ!'، سَيَعْطِسُ فَيُخْرِجُ قِطَعًا ذَهَبِيَّةً لَامِعَةً". فَرِحَ كَرِيمُ وَفِي طَرِيقِهِ تَوَقَّفَ فِي نَفْسِ الْخَانِ. دَفَعَ ثَمَنَ غُرْفَتِهِ بِأَنْ قَالَ "يَا حِمَارُ، اهْتَزَّ!". رَآهُ صَاحِبُ الْخَانِ الْمَاكِرُ، وَفِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ، اسْتَبْدَلَ الْحِمَارَ السِّحْرِيَّ بِآخَرَ عَادِيٍّ. عِنْدَمَا عَادَ كَرِيمُ إِلَى بَيْتِهِ، لَمْ يُعْطِ الْحِمَارُ وَلَوْ قِطْعَةً وَاحِدَةً. فَازْدَادَتِ الْأُسْرَةُ فَقْرًا وَحُزْنًا.
الْابْنُ الثَّالِثُ، ذَكِيٌّ، أَصْبَحَ حِرَفِيًّا. كَتَبَ لَهُ وَالِدُهُ بِمَا حَدَثَ. قَالَ مُعَلِّمُهُ الْحَكِيمُ: "أَظُنُّ أَنَّ هُنَاكَ مُحْتَالًا". وَأَعْطَاهُ كِيسًا وَقَالَ: "فِي هَذَا الْكِيسِ صَدِيقٌ مُمَيَّزٌ. إِذَا قَابَلْتَ شَخْصًا يَسْتَحِقُّ دَرْسًا، فَقَطْ قُلْ 'يَا بَهْلَوَانُ، ارْقُصْ!'".
أَقَامَ ذَكِيٌّ أَيْضًا فِي الْخَانِ. قَدَّمَ لَهُ صَاحِبُ الْخَانِ الْعَشَاءَ عَلَى طَاوِلَةٍ مَأْلُوفَةٍ. قَالَ ذَكِيٌّ: "يَا لَهَا مِنْ طَاوِلَةٍ سَرِيعَةٍ! لَكِنْ لَدَيَّ شَيْءٌ أَعْجَبُ فِي هَذَا الْكِيسِ!". وَكَمَا تَوَقَّعَ، تَسَلَّلَ صَاحِبُ الْخَانِ إِلَى غُرْفَتِهِ لَيْلًا. وَقَبْلَ أَنْ يَلْمِسَ الْكِيسَ، صَاحَ ذَكِيٌّ: "يَا بَهْلَوَانُ، ارْقُصْ!". قَفَزَتْ دُمْيَةٌ خَشَبِيَّةٌ صَغِيرَةٌ وَبَدَأَتْ تَرْقُصُ رَقْصَةً صَاخِبَةً وَغَيْرَ مُؤْذِيَةٍ. كَانَتْ تَقْفِزُ عَلَى الْجُدْرَانِ، وَتُدَغْدِغُ صَاحِبَ الْخَانِ حَتَّى بَكَى مِنَ الضَّحِكِ، وَتَرْبِطُ أَرْبِطَةَ حِذَائِهِ. لَمْ يَسْتَطِعْ إِيقَافَ الْفَوْضَى!
صَرَخَ صَاحِبُ الْخَانِ: "حَسَنًا، أَسْتَسْلِمُ! سَأُعِيدُ كُلَّ شَيْءٍ!". فِي الصَّبَاحِ التَّالِي، غَادَرَ ذَكِيٌّ الْخَانَ وَمَعَهُ طَاوِلَةُ أَخِيهِ وَحِمَارُهُ. عَادَ إِلَى أُسْرَتِهِ الَّتِي غَمَرَتْهَا الْفَرْحَةُ. بِالطَّاوِلَةِ لِتُطْعِمَهُمْ وَذَهَبِ الْحِمَارِ، لَمْ يُسَاعِدُوا أَنْفُسَهُمْ فَحَسْبُ، بَلْ سَاعَدُوا قَرْيَتَهُمْ بِأَكْمَلِهَا، وَعَاشُوا جَمِيعًا فِي سَعَادَةٍ وَكَرَمٍ.
قِيَمٌ وَدُرُوسٌ أَخْلَاقِيَّةٌ
- الصِّدْقُ أَفْضَلُ سَبِيلٍ: طَمَعُ وَخِدَاعُ صَاحِبِ الْخَانِ أَدَّيَا فِي النِّهَايَةِ إِلَى فَشَلِهِ وَإِحْرَاجِهِ.
- الذَّكَاءُ يَتَفَوَّقُ عَلَى الْقُوَّةِ: لَمْ يَسْتَخْدِمْ ذَكِيٌّ الْعُنْفَ، بَلِ اسْتَخْدَمَ فِطْنَتَهُ وَهَدِيَّةً سِحْرِيَّةً مُضْحِكَةً لِحَلِّ الْمُشْكِلَةِ.
- الْأُسْرَةُ سَنَدٌ لِبَعْضِهَا: وَاجَهَ الْإِخْوَةُ الصِّعَابَ، لَكِنَّ حُبَّ الْأَخِ الثَّالِثِ لِأُسْرَتِهِ دَفَعَهُ لِتَصْحِيحِ الْأُمُورِ لِلْجَمِيعِ.
- الثَّرْوَةُ الْحَقِيقِيَّةُ فِي الْمُشَارَكَةِ: اسْتَخْدَمَتِ الْأُسْرَةُ ثَرْوَتَهَا الْجَدِيدَةَ لِمُسَاعَدَةِ قَرْيَتِهِمْ بِأَكْمَلِهَا، مِمَّا يُظْهِرُ أَنَّ الْكَرَمَ هُوَ أَفْضَلُ اسْتِخْدَامٍ لِأَيِّ هَدِيَّةٍ.
أَسْئِلَةٌ حَوْلَ الْقِصَّةِ
أَسْئِلَةُ الْفَهْمِ
- مَا هِيَ الْقُدْرَةُ السِّحْرِيَّةُ لِطَاوِلَةِ الْابْنِ الْأَوَّلِ؟
- كَيْفَ كَانَ حِمَارُ الْابْنِ الثَّانِي يُنْتِجُ قِطَعًا ذَهَبِيَّةً؟
- مَاذَا فَعَلَ صَاحِبُ الْخَانِ الْمَاكِرُ بِالْأَخَوَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ؟
- مَا هِيَ الْهَدِيَّةُ السِّحْرِيَّةُ لِلْأَخِ الثَّالِثِ؟
- كَيْفَ اسْتَعَادَ ذَكِيٌّ الطَّاوِلَةَ وَالْحِمَارَ؟
أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ
- لِمَاذَا تَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ خُدِعَا، بَيْنَمَا لَمْ يُخْدَعِ الثَّالِثُ؟
- هَلْ كَانَتْ طَرِيقَةُ ذَكِيٍّ فِي تَلْقِينِ صَاحِبِ الْخَانِ دَرْسًا أَفْضَلَ مِنْ اسْتِخْدَامِ عَصًا تُؤْذِي النَّاسَ؟ لِمَاذَا؟
- مَاذَا تَعْتَقِدُ أَنَّ صَاحِبَ الْخَانِ تَعَلَّمَ مِنْ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ؟
أَسْئِلَةُ الرَّبْطِ بِالْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ
- هَلْ رَأَيْتَ شَخْصًا طَمَّاعًا مِنْ قَبْلُ؟ مَاذَا حَدَثَ؟
- صِفْ مَرَّةً اسْتَخْدَمْتَ فِيهَا ذَكَاءَكَ لِحَلِّ مُشْكِلَةٍ.
- لَوْ كَانَ لَدَيْكَ هَدِيَّةٌ سِحْرِيَّةٌ، فَكَيْفَ سَتُشَارِكُهَا لِمُسَاعَدَةِ الْآخَرِينَ؟
أَنْشِطَةٌ مُمْتِعَةٌ
- صَمِّمْ هَدِيَّةً سِحْرِيَّةً: تَخَيَّلْ أَنَّكَ الابْنُ الرَّابِعُ لِلْخَيَّاطِ. أَيُّ حِرْفَةٍ سَتَتَعَلَّمُ؟ وَمَا الْهَدِيَّةُ السِّحْرِيَّةُ الَّتِي سَيُعْطِيكَ إِيَّاهَا مُعَلِّمُكَ؟ ارْسُمْهَا وَاكْتُبْ أَمْرَهَا السِّحْرِيَّ الْخَاصَّ.
- ارْسُمِ رَقْصَةَ الْبَهْلَوَانِ: أَحْضِرْ وَرَقَةً وَارْسُمِ الْمَشْهَدَ الْمُضْحِكَ وَالْفَوْضَوِيَّ فِي غُرْفَةِ صَاحِبِ الْخَانِ. أَظْهِرِ الْبَهْلَوَانَ وَهُوَ يَتَشَقْلَبُ وَيُدَغْدِغُ وَيَرْبِطُ أَرْبِطَةَ الْحِذَاءِ!
- مَثِّلِ الْقِصَّةَ: مَعَ أَصْدِقَائِكَ أَوْ أُسْرَتِكَ، مَثِّلُوا الْمَشْهَدَ الْأَخِيرَ فِي الْخَانِ. لِيَكُنْ أَحَدُكُمْ ذَكِيًّا، وَآخَرُ صَاحِبَ الْخَانِ الطَّمَّاعَ، وَيُمْكِنُ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ أَنْ يَكُونَ الْبَهْلَوَانَ الْمُضْحِكَ!