الشَّبَكَةُ الثَّقِيلَةُ وَدَرْسُ البَحْرِ

الشَّبَكَةُ الثَّقِيلَةُ وَدَرْسُ البَحْرِ

يَوْمٌ مِنَ الأَمَلِ وَالْمُفَاجَآتِ

عَلَى شَاطِئِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ تُدَاعِبُهَا الشَّمْسُ، حَيْثُ كَانَتِ الأَمْوَاجُ تَهْمِسُ بِأَلْحَانٍ قَدِيمَةٍ، كَانَ ثَلَاثَةُ صَيَّادِينَ يَسْتَعِدُّونَ لِيَوْمٍ جَدِيدٍ. كَانَ هُنَاكَ الشَّيْخُ حَكِيمٌ، أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَقَدْ حَفَرَ المِلْحُ خُطُوطَهُ عَلَى بَشَرَتِهِ وَامْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ بِالْحِكْمَةِ. وَمَعَهُ كَانَ الشَّابَّانِ سَالِمٌ وَرَشِيدٌ، مَمْلُوءَيْنِ بِالطَّاقَةِ وَالأَحْلَامِ الكَبِيرَةِ بِحَجْمِ البَحْرِ نَفْسِهِ. عِنْدَ الفَجْرِ، أَلْقَوْا بِشَبَكَتِهِمُ الكَبِيرَةِ فِي المِيَاهِ الزَّرْقَاءِ، آمِلِينَ فِي صَيْدٍ لَا يَمْلَأُ سِلَالَهُمْ فَحَسْبُ، بَلْ يَمْلَأُ قُلُوبَهُمْ بِالفَرَحِ أَيْضًا.

بَعْدَ سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ، شَعَرُوا بِأَنَّ شَيْئًا ثَقِيلًا يَشُدُّ الشَّبَكَةَ بِقُوَّةٍ. لَقَدْ كَانَتْ ثَقِيلَةً لِلْغَايَةِ! صَاحَ سَالِمٌ بِحَمَاسٍ: "لَقَدْ فَعَلْنَاهَا! لَابُدَّ أَنَّهَا مَلِيئَةٌ بِالأَسْمَاكِ الثَّمِينَةِ! سَنُصْبِحُ أَغْنِيَاءَ!". وَأَضَافَ رَشِيدٌ وَهُوَ يَشُدُّ بِكُلِّ قُوَّتِهِ: "تَخَيَّلُوا الاِحْتِفَالَ فِي القَرْيَةِ هَذَا المَسَاءَ!". كَانَتْ وُجُوهُهُمْ مُشْرِقَةً بِالسَّعَادَةِ، وَقَدْ بَدَأُوا بِالفِعْلِ يَحْلُمُونَ بِمَا سَيَفْعَلُونَهُ بِالأَرْبَاحِ. بَدَا التَّعَبُ خَفِيفًا، تَدْفَعُهُ وُعُودُ النَّجَاحِ البَاهِرِ.

وَبِمَجْهُودٍ أَخِيرٍ، سَحَبُوا الشَّبَكَةَ إِلَى الرِّمَالِ الذَّهَبِيَّةِ. لَكِنَّ حَمَاسَهُمْ تَلاشَى كَشَمْعَةٍ أَطْفَأَهَا الرِّيحُ. لَمْ تَكُنِ الشَّبَكَةُ مَلِيئَةً بِالأَسْمَاكِ اللَّامِعَةِ، بَلْ بِالحِجَارَةِ الدَّاكِنَةِ وَالطَّحَالِبِ وَبَقَايَا الأَشْيَاءِ القَدِيمَةِ الَّتِي حَفِظَهَا البَحْرُ. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى عَدَدٍ قَلِيلٍ مِنَ الأَسْمَاكِ الصَّغِيرَةِ الخَائِفَةِ، عَالِقَةً بَيْنَ الصُّخُورِ. سَادَ صَمْتٌ ثَقِيلٌ عَلَيْهِمْ. كَانَتْ خَيْبَةُ الأَمَلِ مُرَّةً لِدَرَجَةِ أَنَّهَا كَتَمَتْ أَنْفَاسَهُمْ. هَمَسَ سَالِمٌ وَهُوَ يُلْقِي الحَبْلَ: "كُلُّ هَذَا العَمَلِ... مِنْ أَجْلِ لَا شَيْءٍ".

جَلَسَ الشَّيْخُ حَكِيمٌ عَلَى صَخْرَةٍ وَنَظَرَ إِلَى الشَّابَّيْنِ بِابْتِسَامَةٍ لَطِيفَةٍ. قَالَ بِصَوْتٍ هَادِئٍ: "يَا صَدِيقَيَّ، لَا تَيْأَسَا. الفَرَحُ الَّذِي شَعَرْتُمَا بِهِ قَبْلَ قَلِيلٍ، ذَلِكَ الأَمَلُ الَّذِي جَعَلَكُمَا تَسْحَبَانِ الشَّبَكَةَ بِهَذِهِ القُوَّةِ، أَلَمْ يَكُنْ حَقِيقِيًّا؟".
نَظَرَ الشَّابَّانِ إِلَيْهِ فِي حَيْرَةٍ. فَأَكْمَلَ حَكِيمٌ: "البَحْرُ، مِثْلُ الحَيَاةِ، يُعْطِينَا الفَرَحَ أَحْيَانًا وَخَيْبَةَ الأَمَلِ أَحْيَانًا أُخْرَى. هُمَا كَأُخْتَيْنِ تُسَافِرَانِ مَعًا دَائِمًا. يَجِبُ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الفَرَحَ بِامْتِنَانٍ، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ مُسْتَعِدِّينَ لِمُوَاجَهَةِ خَيْبَةِ الأَمَلِ بِشَجَاعَةٍ. اليَوْمَ، أَعْطَانَا البَحْرُ دَرْسًا، لَا سَمَكًا. وَهَذَا الدَّرْسُ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ".

مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هَذِهِ القِصَّةِ؟

القِيَمُ وَالدُّرُوسُ الأَخْلَاقِيَّةُ

  • التَّعَامُلُ مَعَ خَيْبَةِ الأَمَلِ: تُعَلِّمُنَا القِصَّةُ أَنَّ خَيْبَةَ الأَمَلِ جُزْءٌ طَبِيعِيٌّ مِنَ الحَيَاةِ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ كَيْفَ نُوَاجِهُهَا بِحِكْمَةٍ.
  • طَبِيعَةُ الحَيَاةِ غَيْرُ المُتَوَقَّعَةِ: تَمَامًا مِثْلَ البَحْرِ، الحَيَاةُ مَلِيئَةٌ بِالْمُفَاجَآتِ. لَا تَسِيرُ الأُمُورُ دَائِمًا كَمَا نَتَمَنَّى.
  • خَطَرُ التَّوَقُّعَاتِ العَالِيَةِ: مِنَ الجَمِيلِ أَنْ يَكُونَ لَدَيْنَا آمَالٌ كَبِيرَةٌ، لَكِنَّ رَبْطَ سَعَادَتِنَا الكَامِلَةِ بِنَتِيجَةٍ مُحَدَّدَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى حُزْنٍ كَبِيرٍ.
  • حِكْمَةُ التَّجْرِبَةِ: يُظْهِرُ الصَّيَّادُ العَجُوزُ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْخِبْرَةِ أَنْ تَجْلِبَ الهُدُوءَ وَرُؤْيَةً أَوْسَعَ لِلتَّحَدِّيَاتِ.

هَيَّا نَخْتَبِرْ أَنْفُسَنَا!

أَسْئِلَةُ الفَهْمِ وَالاِسْتِيعَابِ

  1. مَنْ هُمُ الشَّخْصِيَّاتُ الرَّئِيسِيَّةُ الثَّلَاثُ فِي القِصَّةِ؟
  2. لِمَاذَا كَانَ الصَّيَّادُونَ سُعَدَاءَ جِدًّا فِي البِدَايَةِ؟
  3. مَاذَا وَجَدُوا فِي الشَّبَكَةِ عِنْدَمَا سَحَبُوهَا إِلَى الشَّاطِئِ؟
  4. كَيْفَ شَعَرَ سَالِمٌ وَرَشِيدٌ بَعْدَ رُؤْيَةِ مَا فِي الشَّبَكَةِ؟
  5. مَا هُوَ الدَّرْسُ الَّذِي عَلَّمَهُ الشَّيْخُ حَكِيمٌ لِصَدِيقَيْهِ؟

أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ

  1. هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنَ الخَطَأِ أَنْ نَأْمُلَ فِي تَحْقِيقِ نَجَاحٍ كَبِيرٍ؟ لِمَاذَا؟
  2. كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُ لِلشَّيْخِ حَكِيمٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ؟
  3. كَيْفَ يُمْكِنُ لِـ "دَرْسِ البَحْرِ" أَنْ يُفِيدَ الصَّيَّادِينَ فِي المُسْتَقْبَلِ؟

لِنَرْبِطِ القِصَّةَ بِحَيَاتِنَا

  1. هَلْ تَذْكُرُ مَرَّةً تَمَنَّيْتَ فِيهَا حُصُولَ شَيْءٍ رَائِعٍ ثُمَّ شَعَرْتَ بِخَيْبَةِ أَمَلٍ؟ كَيْفَ كَانَ شُعُورُكَ؟
  2. مَا الَّذِي يُسَاعِدُكَ عَلَى تَحَسُّنِ حَالَتِكَ عِنْدَمَا تَكُونُ حَزِينًا أَوْ مُحْبَطًا؟
  3. مَنْ هُوَ الشَّخْصُ الحَكِيمُ فِي حَيَاتِكَ، مِثْلُ الشَّيْخِ حَكِيمٍ، الَّذِي تَطْلُبُ مِنْهُ النَّصِيحَةَ؟

هَيَّا نَلْعَبْ مَعًا!

أَنْشِطَةٌ مُمْتِعَةٌ

  • اُرْسُمْ كَنْزَكَ المَخْفِيَّ: اِرْسُمْ مَا كَانَ يَأْمُلُ سَالِمٌ وَرَشِيدٌ أَنْ يَجِدَاهُ فِي الشَّبَكَةِ، ثُمَّ ارْسُمْ بِجَانِبِهِ مَا وَجَدَاهُ بِالفِعْلِ.
  • مَسْرَحُ المَشَاعِرِ: مَثِّلُوا القِصَّةَ! يَقُومُ أَحَدُكُمْ بِدَوْرِ الحَمَاسِ، وَآخَرُ بِدَوْرِ خَيْبَةِ الأَمَلِ، وَثَالِثٌ بِدَوْرِ الحِكْمَةِ الهَادِئَةِ.
  • لُعْبَةُ "الشَّبَكَةِ المَحْظُوظَةِ": ضَعْ أَشْيَاءَ صَغِيرَةً (أَلْعَابًا، حِجَارَةً، أَوْرَاقَ شَجَرٍ) فِي حَقِيبَةٍ. بِالدَّوْرِ، قُومُوا بِـ "الصَّيْدِ" دُونَ النَّظَرِ وَصِفُوا صَيْدَكُمْ، سَوَاءٌ كَانَ مُفَاجِئًا أَمْ لَا!

إرسال تعليق

أحدث أقدم