جمال قلب جميلة

جَمَالُ قَلْبِ جَمِيلَةَ

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ لَهَا اسْمًا آخَرَ، كَانَ الْجَمِيعُ فِي الْمَدِينَةِ يَعْرِفُهَا بِاسْمِ "جَمِيلَةَ". كَانَتِ الصُّغْرَى بَيْنَ ثَلَاثِ بَنَاتٍ لِتَاجِرٍ طَيِّبِ الْقَلْبِ، عَاشَ مِنْ أَجْلِهِنَّ فَقَطْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ. كَانَتْ أُخْتَاهَا الْكُبْرَيَانِ، زِينَةُ وَرِيمَا، تُحِبَّانِ هَدَايَا وَالِدِهِمَا: الْفَسَاتِينَ الْفَاخِرَةَ وَالْجَوَاهِرَ الْبَرَّاقَةَ وَالدَّعَوَاتِ لِلْحَفَلَاتِ. كَانَتَا تَقْضِيَانِ أَيَّامَهُمَا فِي التَّحَدُّثِ عَنِ الْمُوضَةِ.

أَمَّا جَمِيلَةُ، فَقَدْ وَجَدَتْ ثَرْوَتَهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ. بِالطَّبْعِ، كَانَتْ تَسْتَطِيعُ الرَّقْصَ وَالتَّصَرُّفَ بِلَبَاقَةٍ فِي الْمُجْتَمَعِ، لَكِنَّ قَلْبَهَا كَانَ يَنْبِضُ بِالْقِصَصِ الْمَخْفِيَّةِ بَيْنَ صَفَحَاتِ الْكُتُبِ. كُلَّ صَبَاحٍ، كَانَتْ وَجْهَتُهَا الْأُولَى مَكْتَبَةَ الْعَمِّ حِكْمَتَ الصَّغِيرَةَ. كَانَ صَاحِبُ الْمَكْتَبَةِ يَقُولُ بِابْتِسَامَةٍ: "أَهْلًا يَا جَمِيلَةُ! لَقَدِ احْتَفَظْتُ لَكِ بِكِتَابٍ عَنْ أَمِيرَةٍ تُنْقِذُ مَمْلَكَتَهَا بِذَكَائِهَا، لَا بِجَمَالِهَا فَقَطْ!". كَانَتْ تَشْكُرُهُ بِقَلْبٍ فَرِحٍ، وَهِيَ تَحْلُمُ بِالْغَوْصِ فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ الْخَيَالِيِّ.

ذَاتَ يَوْمٍ، وَهِيَ عَائِدَةٌ إِلَى الْمَنْزِلِ بِكِتَابِهَا الْجَدِيدِ، رَأَتِ السَّيِّدَةَ فَاطِمَةَ، وَهِيَ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ، تَتَعَثَّرُ فَتَسْقُطُ مِنْهَا سَلَّةٌ كَامِلَةٌ مِنَ التُّفَّاحِ الْأَحْمَرِ. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، مَرَّتْ عَرَبَةُ أُخْتَيْهَا. صَرَخَتْ زِينَةُ: "يَا لَهَا مِنْ خَرْقَاءَ!"، دُونَ أَنْ تُكَلِّفَ نَفْسَهَا عَنَاءَ التَّوَقُّفِ. أَمَّا جَمِيلَةُ، فَأَسْرَعَتْ لِلْمُسَاعَدَةِ. جَمَعَتْ كُلَّ تُفَّاحَةٍ، وَعِنْدَمَا رَأَتْ أَنَّ السَّلَّةَ ثَقِيلَةٌ، عَرَضَتْ أَنْ تَحْمِلَهَا إِلَى مَنْزِلِ السَّيِّدَةِ.

كَانَ بَيْتُ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ مُتَوَاضِعًا وَنَظِيفًا. قَالَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ مُتْعَبَةٌ: "شُكْرًا لَكِ يَا عَزِيزَتِي. أَنْتِ طَيِّبَةٌ بِقَدْرِ مَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ". وَلَاحَظَتْ جَمِيلَةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَبْدُو مُرْهَقَةً، فَخَطَرَتْ لَهَا فِكْرَةٌ. قَالَتْ وَهِيَ تُشِيرُ إِلَى التُّفَّاحِ: "هَلْ تَسْمَحِينَ لِي؟". فِي الْمَطْبَخِ، وَبِمَهَارَةٍ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ طَبَّاخَةِ الْقَصْرِ، حَوَّلَتْ بِسُرْعَةٍ بَعْضَ ذَلِكَ التُّفَّاحِ إِلَى فَطِيرَةٍ لَذِيذَةٍ تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةُ الْقِرْفَةِ. مَلَأَتِ الرَّائِحَةُ الذَّكِيَّةُ الْبَيْتَ الصَّغِيرَ بِالدِّفْءِ وَالْبَهْجَةِ.

وَبَيْنَمَا كَانَتِ السَّيِّدَةُ الْعَجُوزُ تَتَذَوَّقُ الْفَطِيرَةَ وَدُمُوعُ الشُّكْرِ فِي عَيْنَيْهَا، قَالَتْ: "الْآنَ فَهِمْتُ لِمَاذَا يُسَمِّيكِ الْجَمِيعُ جَمِيلَةَ. لَيْسَ فَقَطْ لِعَيْنَيْكِ اللَّامِعَتَيْنِ أَوْ خُصُلَاتِ شَعْرِكِ الدَّاكِنَةِ. بَلْ لِأَنَّ لُطْفَكِ هُوَ أَجْمَلُ شَيْءٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ". فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَدْرَكَتْ جَمِيلَةُ أَنَّ الْجَمَالَ الْحَقِيقِيَّ لَيْسَ شَيْئًا يُمْكِنُ ارْتِدَاؤُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ يُمْكِنُ مَنْحُهُ لِلْآخَرِينَ بِلَفْتَةٍ بَسِيطَةٍ مِنَ الْقَلْبِ.

قِيَمٌ وَدُرُوسٌ أَخْلَاقِيَّةٌ

  • الْجَمَالُ الْحَقِيقِيُّ دَاخِلِيٌّ: تُظْهِرُ الْقِصَّةُ أَنَّ اللُّطْفَ وَالتَّعَاطُفَ وَالْقَلْبَ الطَّيِّبَ أَثْمَنُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمَظْهَرِ الْخَارِجِيِّ أَوِ الثَّرْوَةِ الْمَادِّيَّةِ.
  • مُتْعَةُ الْقِرَاءَةِ وَالْمَعْرِفَةِ: حُبُّ جَمِيلَةَ لِلْكُتُبِ يَفْتَحُ لَهَا عَوَالِمَ خَيَالِيَّةً وَيُثْرِي رُوحَهَا، عَلَى عَكْسِ اهْتِمَامَاتِ أُخْتَيْهَا السَّطْحِيَّةِ.
  • الْأَفْعَالُ أَبْلَغُ مِنَ الْأَقْوَالِ: لَا تَكْتَفِي جَمِيلَةُ بِكَوْنِهَا "طَيِّبَةً"، بَلْ تُثْبِتُ طِيبَتَهَا مِنْ خِلَالِ أَفْعَالٍ مَلْمُوسَةٍ، مِثْلَ مُسَاعَدَةِ السَّيِّدَةِ الْعَجُوزِ.
  • اللُّطْفُ مُكَافَأَةٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ: أَكْبَرُ مُكَافَأَةٍ لِجَمِيلَةَ لَيْسَتِ الْجَوَاهِرَ، بَلْ هِيَ امْتِنَانُ وَمَحَبَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ تُسَاعِدُهُمْ، مِمَّا يَجْعَلُهَا مَحْبُوبَةَ الْمَدِينَةِ.

أَسْئِلَةٌ حَوْلَ الْقِصَّةِ

أَسْئِلَةُ الْفَهْمِ

  1. مَا هِيَ الِاهْتِمَامَاتُ الرَّئِيسِيَّةُ لِأُخْتَيْ جَمِيلَةَ الْكُبْرَيَيْنِ؟
  2. أَيْنَ كَانَتْ تَذْهَبُ جَمِيلَةُ كُلَّ صَبَاحٍ وَلِمَاذَا؟
  3. صِفْ عَمَلًا لَطِيفًا وَاحِدًا قَامَتْ بِهِ جَمِيلَةُ فِي الْقِصَّةِ.
  4. إِلَى جَانِبِ الْقِرَاءَةِ، مَا هِيَ الْمَهَارَةُ الْخَاصَّةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ لَدَى جَمِيلَةَ؟
  5. وَفْقًا لِلسَّيِّدَةِ الْعَجُوزِ، لِمَاذَا كَانَ الْجَمِيعُ يُطْلِقُونَ عَلَى الْفَتَاةِ اسْمَ "جَمِيلَةَ"؟

أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ

  1. بِأَيِّ مَعْنًى كَانَتْ جَمِيلَةُ "غَنِيَّةً" بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ أُخْتَيْهَا؟
  2. لِمَاذَا تَعْتَقِدُ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ لَمْ تَتَوَقَّفَا لِمُسَاعَدَةِ السَّيِّدَةِ الْعَجُوزِ؟
  3. هَلْ تُشِيرُ الْقِصَّةُ إِلَى أَنَّ كَوْنَ الشَّخْصِ غَنِيًّا أَوْ جَمِيلًا هُوَ أَمْرٌ سَيِّئٌ؟ أَمْ أَنَّ الْأَمْرَ يَعْتَمِدُ عَلَى كَيْفِيَّةِ اسْتِخْدَامِ تِلْكَ الصِّفَاتِ؟

أَنْشِطَةٌ مُمْتِعَةٌ

  • تَقْوِيمُ اللُّطْفِ: اصْنَعْ تَقْوِيمًا صَغِيرًا لِمُدَّةِ أُسْبُوعٍ. لِكُلِّ يَوْمٍ، اكْتُبْ أَوْ ارْسُمْ عَمَلًا لَطِيفًا صَغِيرًا يُمْكِنُكَ الْقِيَامُ بِهِ (مِثْلَ مُسَاعَدَةِ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ تَقْدِيمِ مُجَامَلَةٍ لِصَدِيقٍ).
  • صَمِّمْ غِلَافَ كِتَابِكَ: تَخَيَّلْ كِتَابَ الْمُغَامَرَاتِ الَّذِي أَعْطَاهُ الْعَمُّ حِكْمَتُ لِجَمِيلَةَ. ارْسُمْ غِلَافَهُ! مَاذَا سَيَكُونُ عُنْوَانُهُ؟ وَمَنْ سَيَكُونُ بَطَلَهُ؟
  • لَفْتَةٌ طَيِّبَةٌ: بِمُسَاعَدَةِ أَحَدِ الْكِبَارِ، جَرِّبْ طَهْيَ شَيْءٍ بَسِيطٍ لِأُسْرَتِكَ، تَمَامًا كَمَا فَعَلَتْ جَمِيلَةُ. يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضَ الْبَسْكْوِيتِ أَوْ سَلَطَةَ فَوَاكِهَ. فَالطَّعَامُ الْمُعَدُّ بِحُبٍّ دَائِمًا أَطْيَبُ!

إرسال تعليق

أحدث أقدم