سر العالمين السحريين

سِرُّ الْعَالَمَيْنِ السِّحْرِيَّيْنِ

فِي قَصْرٍ مِنْ مَرْجَانٍ، فِي أَعْمَقِ نُقْطَةٍ زَرْقَاءَ فِي الْبَحْرِ، عَاشَتْ حُورِيَّةُ بَحْرٍ صَغِيرَةٌ اسْمُهَا مَرْجَانَةُ. كَانَ وَالِدُهَا مَلِكَ الْبِحَارِ، وَكَانَ عَالَمُهَا حَدِيقَةً مَسْحُورَةً. تَتَمَايَلُ فِيهَا أَشْجَارٌ غَرِيبَةٌ مَعَ التَّيَّارَاتِ، وَتَنْطَلِقُ الْأَسْمَاكُ الْمُلَوَّنَةُ كَالطُّيُورِ بَيْنَ أَغْصَانِهَا. لَكِنَّ مَرْجَانَةَ كَانَتْ تَحْلُمُ بِالْمَجْهُولِ: عَالَمِ السَّطْحِ. كَانَتْ تَسْمَعُ أَسَاطِيرَ عَنِ الْغَابَاتِ وَالْجِبَالِ وَالْمُدُنِ الشَّاهِقَةِ، وَبِالنِّسْبَةِ لَهَا، كَانَتْ تِلْكَ هِيَ الْمَمْلَكَةُ الْأَكْثَرُ سِحْرًا.

فَوْقَ الْأَمْوَاجِ، فِي قَرْيَةِ صَيْدٍ صَغِيرَةٍ، عَاشَ فَتًى اسْمُهُ بَحْرٌ. كَانَ يُحِبُّ الْبَحْرَ، لَكِنَّ حَيَاتَهُ عَلَى الْيَابِسَةِ كَانَتْ تَبْدُو لَهُ مُمِلَّةً أَحْيَانًا. كَانَ يُحَدِّقُ فِي الْأُفُقِ وَيَحْلُمُ بِالْعَجَائِبِ الْمَخْفِيَّةِ تَحْتَ الْمَاءِ. سَمِعَ حِكَايَاتٍ عَنْ مَمْلَكَةٍ تَحْتَ الْبَحْرِ، بِحُورِيَّاتِهَا وَقُصُورِهَا الْمَصْنُوعَةِ مِنَ الْأَصْدَافِ، وَبِالنِّسْبَةِ لَهُ، كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَكَانُ الْأَكْثَرُ سِحْرًا.

ذَاتَ يَوْمٍ مُشْمِسٍ، سَبَحَتْ مَرْجَانَةُ أَقْرَبَ إِلَى السَّطْحِ مِنْ أَيِّ مَرَّةٍ مَضَتْ. وَفِي نَفْسِ اللَّحْظَةِ، كَانَ بَحْرٌ فِي قَارِبِهِ، يُحَدِّقُ فِي الْمَاءِ مِنْ خِلَالِ دَلْوٍ بِقَاعِدَةٍ زُجَاجِيَّةٍ. لِلَحْظَةٍ، الْتَقَتْ أَعْيُنُهُمَا. فَتًى لَهُ سَاقَانِ! فَتَاةٌ لَهَا ذَيْلٌ! شَهَقَ كِلَاهُمَا، وَقَدْ غَمَرَهُمَا الذُّهُولُ.

أَصْبَحَا صَدِيقَيْنِ سِرًّا، يَلْتَقِيَانِ فِي خَلِيجٍ خَفِيٍّ حَيْثُ الْمِيَاهُ ضَحْلَةٌ. لَمْ يَكُونَا يَسْتَطِيعَانِ التَّحَدُّثَ، لَكِنَّهُمَا كَانَا يُرِيَانِ بَعْضَهُمَا كُنُوزَ عَالَمَيْهِمَا. أَحْضَرَ بَحْرٌ لِمَرْجَانَةَ زَهْرَةً حَمْرَاءَ، وَحَصَاةً مَلْسَاءَ، وَصُورَةً لِشَجَرَةٍ. انْبَهَرَتْ مَرْجَانَةُ. كَيْفَ هُوَ الشُّعُورُ بِحَرَارَةِ الشَّمْسِ؟ كَيْفَ هُوَ الرَّكْضُ فِي مَرْجٍ؟ وَهِيَ بِدَوْرِهَا، أَحْضَرَتْ لِبَحْرٍ صَدَفَةً تَعْزِفُ مُوسِيقَى الْمُحِيطِ وَلُؤْلُؤَةً تَتَوَهَّجُ فِي الظَّلَامِ. اُفْتُتِنَ بَحْرٌ. كَيْفَ هُوَ التَّنَفُّسُ تَحْتَ الْمَاءِ؟

ذَاتَ يَوْمٍ، وَصَفَ بَحْرٌ مَدِينَةً كَبِيرَةً بِأَنَّهَا "قَصْرٌ حَجَرِيٌّ سِحْرِيٌّ". وَوَصَفَتْ مَرْجَانَةُ قَصْرَهَا الْمَرْجَانِيَّ بِأَنَّهُ "حَدِيقَةٌ مَسْحُورَةٌ". نَظَرَا إِلَى بَعْضِهِمَا وَفَهِمَا. الْعَالَمُ "الْعَادِيُّ" لِلْآخَرِ كَانَ هُوَ "السِّحْرَ" بِعَيْنِهِ. نَظَرَ بَحْرٌ إِلَى الْغَابَةِ خَلْفَهُ، وَلِأَوَّلِ مَرَّةٍ، رَأَى أَشْجَارَهَا الشَّاهِقَةَ الْغَرِيبَةَ. وَنَظَرَتْ مَرْجَانَةُ إِلَى عَالَمِهَا تَحْتَ الْبَحْرِ وَرَأَتِ الْأَسْمَاكَ الْمُلَوَّنَةَ تَنْطَلِقُ كَالشَّحَارِيرِ وَالْعَصَافِيرِ.

مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَمْ يَشْعُرَا بِالْمَلَلِ أَبَدًا. وَجَدَ بَحْرٌ السِّحْرَ فِي شَوَارِعِ مَدِينَتِهِ، وَوَجَدَتْهُ مَرْجَانَةُ بَيْنَ شِعَابِ مَمْلَكَتِهَا. لَقَدْ تَعَلَّمَا أَعْظَمَ حَقِيقَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ: كُلُّ مَكَانٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سِحْرِيًّا. عَلَيْكَ فَقَطْ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنَيِ الْفُضُولِ وَالْخَيَالِ.

قِيَمٌ وَدُرُوسٌ أَخْلَاقِيَّةٌ

  • السِّحْرُ فِي الْعَادِيِّ: الدَّرْسُ الْأَهَمُّ هُوَ أَنَّ السِّحْرَ وَالدَّهْشَةَ لَا يُوجَدَانِ فِي الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ فَقَطْ، بَلْ فِي عَالَمِنَا الْيَوْمِيِّ إِذَا عَرَفْنَا كَيْفَ نَنْظُرُ.
  • الْفُضُولُ يَفْتَحُ عَوَالِمَ جَدِيدَةً: قَادَ فُضُولُ مَرْجَانَةَ وَبَحْرٍ إِلَى اكْتِشَافِ صَدِيقٍ جَدِيدٍ وَمَنْظُورٍ جَدِيدٍ لِعَالَمِهِمَا الْخَاصِّ.
  • الصَّدَاقَةُ تَتَجَاوَزُ الْحُدُودَ: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُمَا جَاءَا مِنْ عَالَمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَمَامًا وَلَمْ يَسْتَطِيعَا التَّحَدُّثَ، فَقَدْ أَصْبَحَا صَدِيقَيْنِ بِفَضْلِ الِاحْتِرَامِ وَالِاهْتِمَامِ الْمُتَبَادَلِ.
  • جَمَالُ وَجْهَاتِ النَّظَرِ: تُعَلِّمُنَا الْقِصَّةُ أَنَّ مَا هُوَ عَادِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لَنَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَائِيًّا لِشَخْصٍ آخَرَ، وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ.

أَسْئِلَةٌ حَوْلَ الْقِصَّةِ

أَسْئِلَةُ الْفَهْمِ

  1. مَا اسْمُ الشَّخْصِيَّتَيْنِ الرَّئِيسِيَّتَيْنِ وَمِنْ أَيْنَ جَاءَتَا؟
  2. بِمَاذَا كَانَتْ تَحْلُمُ مَرْجَانَةُ بِشَأْنِ عَالَمِ بَحْرٍ؟
  3. بِمَاذَا كَانَ يَحْلُمُ بَحْرٌ بِشَأْنِ عَالَمِ مَرْجَانَةَ؟
  4. اذْكُرْ شَيْئًا وَاحِدًا عَرَضَهُ بَحْرٌ عَلَى مَرْجَانَةَ.
  5. مَا هِيَ الْحَقِيقَةُ الْكُبْرَى الَّتِي تَعَلَّمَاهَا كِلَاهُمَا فِي النِّهَايَةِ؟

أَسْئِلَةُ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ

  1. لِمَاذَا تَعْتَقِدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَرْجَانَةَ وَبَحْرٍ كَانَا يَشْعُرَانِ بِالْمَلَلِ مِنْ عَالَمِهِمَا فِي الْبِدَايَةِ؟
  2. كَيْفَ أَصْبَحَا صَدِيقَيْنِ دُونَ أَنْ يَتَمَكَّنَا مِنَ التَّحَدُّثِ بِنَفْسِ اللُّغَةِ؟
  3. مَاذَا يَعْنِي أَنْ "تَنْظُرَ بِعَيْنَيِ الْفُضُولِ وَالْخَيَالِ"؟

أَسْئِلَةُ الرَّبْطِ بِالْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ

  1. صِفْ شَيْئًا مِنْ عَالَمِكَ الْيَوْمِيِّ قَدْ يَبْدُو سِحْرِيًّا لِشَخْصٍ لَمْ يَرَهُ مِنْ قَبْلُ.
  2. لَوْ أُتِيحَتْ لَكَ فُرْصَةُ لِقَاءِ صَدِيقٍ مِنْ عَالَمٍ مُخْتَلِفٍ تَمَامًا (مِثْلَ الْفَضَاءِ أَوْ غَابَةٍ مَسْحُورَةٍ)، فَمَاذَا سَتُرِيهِ مِنْ عَالَمِكَ؟
  3. مَا هُوَ الْمَكَانُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِكَ الَّذِي يُمْكِنُكَ أَنْ تُحَاوِلَ النَّظَرَ إِلَيْهِ بِـ"عُيُونٍ جَدِيدَةٍ" لِاكْتِشَافِ سِحْرِهِ؟

أَنْشِطَةٌ مُمْتِعَةٌ

  • صُنْدُوقُ الْعَالَمَيْنِ: خُذْ صُنْدُوقَ أَحْذِيَةٍ. زَيِّنْ نِصْفَهُ لِيُشْبِهَ عَالَمَ بَحْرٍ (أَشْجَارٌ، بُيُوتٌ، سَمَاءٌ) وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِيُشْبِهَ عَالَمَ مَرْجَانَةَ (شِعَابٌ مَرْجَانِيَّةٌ، أَسْمَاكٌ، مَاءٌ).
  • الْبَحْثُ عَنِ الْكَنْزِ السِّحْرِيِّ: قُمْ بِنُزْهَةٍ فِي حَيِّكَ أَوْ فِي حَدِيقَةٍ وَاجْمَعْ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ "عَادِيَّةٍ" (وَرَقَةُ شَجَرٍ، حَجَرٌ، زَهْرَةٌ). ثُمَّ فِي الْبَيْتِ، صِفْ أَوْ ارْسُمْ لِمَاذَا كُلٌّ مِنْهَا هُوَ فِي الْوَاقِعِ سِحْرِيٌّ.
  • صَدَاقَةٌ بِلَا كَلِمَاتٍ: مَعَ صَدِيقٍ، حَاوِلَا أَنْ تُخْبِرَا بَعْضَكُمَا شَيْئًا لِمُدَّةِ ثَلَاثِ دَقَائِقَ بِاسْتِخْدَامِ الْإِيمَاءَاتِ وَالرُّسُومِ فَقَطْ، تَمَامًا كَمَا فَعَلَتْ مَرْجَانَةُ وَبَحْرٌ فِي الْبِدَايَةِ.

إرسال تعليق

أحدث أقدم